في مقالين منفصلين آخرهما في الأسبوع الماضي كنت قد ناقشت تداعيات الحملات السياسية والإعلامية التي تعرضت لها المملكة نتيجة اعتذارها عن مقعدها الذي تم انتخابها له بأكثر من 170 عضو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة،
وقبله بحوالي أكثر من شهر كنت قد عرضت لمقال عن ضرورة الإصلاحات في مجلس الأمن وأحقية المملكة في العضوية الدائمة لمجلس الأمن بحكم عدة عوامل منها موقعها الديني والجيوسياسي والاقتصادي إضافة إلى سياساتها الحكيمة وعلاقاتها الدولية الواسعة. وفي مقال اليوم نكتب عن ضرورة وجود تحالفات اقليمية للمملكة كسياج أمني وسياسي وعسكري.
من المهم أن ندرك أن علاقات المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية هي علاقات إستراتيجية منذ أن التقى الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي روزفيلت عام 1945م بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واستمرت العلاقات في تطور مستمر، وتعد الولايات المتحدة حليفا إستراتيجيا مهما توترت العلاقات بسبب ظروف المنطقة وانحياز القرار الأمريكي لصالح إسرائيل على حساب المصالح العربية والقضية الفلسطينية. وهناك موضوعات أفضت مؤخرا إلى توتر حقيقي بين الولايات المتحدة والمملكة بسبب أحداث سوريا ومصر وإيران، مما استدعى اعتذار المملكة من مقعد العضوية غير الدائمة احتجاجا على إخفاقات مجلس الأمن في حسم أمور المنطقة، ولعب أمريكا دور تصعيد الهيمنة الشيعية على منطقة الشرق الأوسط. ولهذا ثارت بض الدول واعتبرت قرار المملكة تعال من المملكة العربية السعودية على أكبر منظمة دولية في العالم.
وفي ظل هذه الظروف، وبسبب محاولة بعض الدول والمنظمات فتح ملفات ضد المملكة في مجلس الأمن وفي غيره من المجالس والمنظمات الحقوقية الدولية، فإن المملكة تحتاج إلى أن تبادر لبناء تحالفات إقليمية قوية بهدف دعم قضايا المنطقة وتأسيس قوة استراتيجية للتأثير على القرار الدولي. ولا شك أن المملكة بعضويتها في مجلس التعاون الخليجي تشكل مع باقي الأعضاء قوة إقليمية واقتصادية مهمة، والمملكة مع الدول العربية تشكل قوة سياسية مهمة، والمملكة مع العالم الإسلامي تشكل قوة سياسية لها تأثيرها الدولي، ولكن المملكة تحتاج إضافة إلى ذلك إلى تحالفات أخرى.
ما اقترحه هنا ربما هو موجود على مستوى معين ومحدود ولكنه يحتاج إلى تطوير وبناء رسمي لمثل هذا التحالف. ما نراه هنا هو ضرورة بناء تحالف إستراتيجي من أربع دول هي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وتركيا والباكستان. وهذه الدول الأربع هي من أكبر دول منطقة الشرق الأوسط، وهي دول فاعلة في سياسات المنطقة ولها حضورها وإمكانياتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية. وتحظى باهتمام دولي كبير. ولها موقعها الاستراتيجي في المنطقة كما أنها جميعها تشكل قوة عسكرية مؤثرة. ويشكل هذا التحالف علامة زائد (+) إذا ربطنا بين مواقع دوله الجغرافية، تركيا والسعودية من الشمال للجنوب والباكستان ومصر من الشرق والغرب. ويمكن جمع حروف دولة في مسمى سبت SEPT حيث يمكن أن يكون هذا مسمى مثل هذا التحالف.
ولا شك أن هدف هذا التحالف هو تحالف دفاعي فقط، للدفاع عن أعضائه، ولكن هناك أعمال تنسيقية في مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية بين دول الأعضاء. كما أن الدول الأربع يمكن أن تشكل فيما بينها قوة اقتصادية مؤثرة بما تمتلكه هذه الدول من اقتصادات قوية وخاصة في مجال النفط والصناعة. وأخيرا لا يمكن الحديث كثير عن مثل هذا التحالف وضرورته لأن عوامل تكوينه واضحة وتقع في إطار ما يتم رسمه حاليا من بناء هيمنة إيرانية على منطقة الشام وتداعيات الملف المذهبي الذي يتم تمريره حاليا على الدول العظمى من أجل بناء تحالف شيعي من شرق إيران إلى حدود المتوسط غربا في سوريا ولبنان، وبمباركة الولايات المتحدة وروسيا وصمت دول كبريطانيا والصين.
ولن يكون التحالف ضد أحد، ولكنه بالدرجة الأساسية سيحافظ على حقوق الدول الأعضاء ومصالحها في المنطقة. كما أن مظلة هذا التحالف ستخدم بشكل كبير دول الخليج والكثير من الدول العربية والإسلامية. كما من المعروف أن التحالفات الدولية إما أن تكون رسمية أو تكون سرية، فللدول الأعضاء خيار الإعلان أو السرية لمثل هذا التحالف.