في كثير من عواصم العالم ومدنه، لا نجد الكثير من أعمال الصيانة في الطرق، وإغلاقها، وتحويلاتها، على عكس مدننا، في معظم دول الخليج العربي، التي كثيراً ما يجدها الزائر أشبه بالورش الضخمة، فلا يعرف هل هي مستمرة في التنمية والإنشاءات والتمدد الأفقي والرأسي، أم هي تعالج الأخطاء التي وقعت فيها عند التنفيذ في بعض الطرق والجسور والأنفاق، والبنى التحتية للمدن بشكل عام؟!.
فمثلا لا يمكن أن تذهب في مشوار قصير في مدينة الرياض، دون أن تعترضك لوحة نمطية ومكررة لدى المواطن، تحمل عبارة «أمامك تحويلة»، مما جعل الصباح مثلاً لا يبدو طبيعيا ومكتملا دون أن تتعثر في طريقك بمثل هذه اللوحات المعتادة، حتى في الطرق التي تم إنجازها وافتتاحها قبل أشهر، أي الطرق الجديدة، فلا نفهم هل ثمة أخطاء يتم تداركها بعد الافتتاح، أم هي مجرد تشغيل مؤسسات صيانة؟!.
ولعل الأكثر إزعاجاً للمواطن، أن هذه التحويلات المرورية، رغم بساطة مهمتها، وقلة كمية الأعمال المتوقع إنجازها، تبقى عائقاً للمرور لمدد تصل إلى أسابيع، وأحياناً إلى عدة أشهر، رغم أنها لا تحتاج إلا إلى ساعات عمل قليلة.
وأتساءل، ويتساءل معي كثير من المواطنين، إذا كانت الأعمال الروتينية، كالحفر وتمديد كيابل وما شابه، تأخذ كل هذا الوقت والإرباك لخطوط السير، كيف سيكون الأمر عند البدء في تنفيذ أعمال مترو الرياض؟ هل ستصاب المدينة بشلل تام؟ هل سيتعثر السير في شوارعها أكثر مما هو متعثر الآن؟ كيف ستوفر الشركات المنفذة طرقا بديلة مناسبة، بدلا من تحويل طريق رئيس بثلاثة مسارات، إلى مسار واحد فقط مع تلك التحويلات المؤذية، لتسبب بذلك ازدحاما مخيفا، وتعطيلا لسيارات الطوارئ كالإسعاف والدفاع المدني وما شابه؟.
لا شك أن الجميع يؤمن بأهمية النقل العام، وأنه سينقل المدينة إلى شكل عصري يليق بها، وأن تنفيذه أصبح أمراً مهما جدا، لكن ذلك الأمر يجب ألا يؤثر على سيرورة حياة المدينة، وألا يشل حركتها، لأن تنفيذه لن يقتصر على شهر أو شهرين، بل ستبقى حركة السير غير طبيعية لمدة أربع سنوات على الأقل، مما يعني أنه لابد من وضع مخططات مدروسة لحركة السير البديلة، للطرق التي سيتم إقفالها، أو حتى تقليل مساراتها، كما في طريقي الملك فهد، والملك عبدالله، خاصة أنهما يعتبران شريانا المدينة، التي يصعب تخيل حركتها من دونهما!
ولعل من المهم أيضاً، تعميم خطط السير للطرق البديلة، ونشرها في الصحف، والتلفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكافة وسائل الإعلام التقليدي والجديد، حتى يتمكن المواطن، ومستخدم هذه الطرق، معرفتها جيداً قبل البدء في تنفيذها، فهي لا تقل أهمية عن مخططات المترو، لأن المواطن سيتعايش معها لمدد طويلة قد تزيد عن أربع سنوات!
وأكاد أجزم، أن المسؤولين في الإمارة والأمانة والنقل يدركون معنا، أن تصميم مدينة الرياض المؤقت خلال تنفيذ المترو، لا يمكن التعامل معه، بمنطق العبارة طيبة الذكر «أمامك تحويلة»، لأن الأمر أكبر من مجرد تحويلة!.