روضة خريم - واس:
أقرَّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أمس الاثنين العشرين من شهر صفر 1435هـ، الموافق الثالث والعشرين من شهر ديسمبر 2013م، في روضة خريم بمنطقة الرياض، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1435هـ/ 1436هـ.
وبدأت الجلسة بآيات من القرآن الكريم، ثم وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - كلمةً ضافية لإخوانه وأبنائه المواطنين، أعلن فيها الميزانية، وأكد المضي قدماً في استثمار الموارد التي منَّ الله بها على هذه البلاد في موضعها الطبيعي، والتوازن بين مناطق المملكة في التنمية والتطوير.
وفيما يأتي نص الكلمة التي تشرَّف بإلقائها معالي الأمين العام لمجلس الوزراء الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السدحان:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
إخواني وأبنائي المواطنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعلن على بركة الله وبحمده وتوفيقه ميزانية العام المالي القادم، التي تبلغ مصروفاتها (855) ثمانمائة وخمسة وخمسين مليار ريال، في استمرار للإنفاق على البرامج والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية المستدامة، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين، وتحسين الخدمات المقدمة لهم، التي شملت برامج ومشاريع في كافة قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، مع التركيز على التنمية البشرية في التعليم والتدريب والصحة، وتطوير وتحسين الخدمات الاجتماعية والبلدية والتجهيزات الأساسية، مع الحرص على التوازن بين المناطق، وتعزيز دورها في التنمية. إن هذه الميزانية التي نقرها اليوم دليلٌ واضح على ما تشهده بلادنا الغالية - ولله الحمد والمنة - من نهضة اقتصادية كبرى، فما توافر لها من موارد يقدِّم فرصاً متعددة للتنمية، وهي امتدادٌ لما تحقَّق من إنجازات وما يجري تنفيذه من برامج ومشاريع؛ ما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل - بحول الله، لكننا ندرك أنه أقل مما نطمح إليه أو يطمح إليه المواطن الغالي؛ لذا فإننا عاقدون العزم - بمشيئة الله - على مواصلة مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية لتأمين العيش الكريم لمواطنيها جيلاً بعد جيل، وذلك باستمرار العمل على تعزيز التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتحقيق النمو في النشاط الاقتصادي، وتحسين أداء القطاع الحكومي، وتفعيل دور الإدارة العامة في التنمية، ومواصلة إصلاح التعليم باعتباره الأساس في التنمية البشرية، ومواصلة معالجة اختلال سوق العمل بهدف إيجاد فرص العمل للمواطنين، وتقوية الارتباط بين الميزانية السنوية والخطط التنموية، وتعزيز استدامة المالية العامة، وحسن سلامة تنفيذ المشاريع والبرامج الإنمائية، والموازنة بين احتياجات الجيل الحالي والأجيال المقبلة، والاستخدام الأمثل للموارد التي حبا الله بها وطننا الغالي، وتكريس سيادة النظام وتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وتعزيز روح المواطنة المسؤولة والانتماء الوطني بتبني استراتيجيات وسياسات إعلامية وتربوية وثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية، تشارك فيها جميع الجهات المعنية من القطاعَين الحكومي والخاص.
إخواني المواطنين، إننا ندرك أن العبرة ليست بأرقام الميزانية، بل بما تجسده على أرض الواقع من مشاريع وخدمات نوعية، ينمو بها الوطن، وينعم بها المواطن؛ لذلك فإن على الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية كافة مسؤولية تنفيذ مشاريعها وبرامجها، وأداء الأعمال الموكلة إليهم بكل إخلاص ودقة، ودون تراخٍ أو تقصير تجاه الوطن والمواطنين؛ وهم مسؤولون أمام الله ثم أمامنا عن ذلك؛ لينمو الوطن، وينعم المواطن. وعلى الأجهزة الرقابية الرفع إلينا بالتقارير الدورية عن الأداء ومستوياته ومعوقاته. حفظ الله بلادنا، وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار والازدهار.
وقال معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، إن معالي وزير المالية، وبتوجيه كريم من الملك المفدى، قدَّم عرضاً موجزاً لمشروع الميزانية الجديدة للدولة، أوضح فيه النتائج المالية للعام المالي الحالي 1434/ 1435هـ، واستعرض الملامح الرئيسة للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1435/ 1436هـ، وتطورات الاقتصاد الوطني. وقال معاليه إنه بناءً على التوجيهات السامية الكريمة، ولأهمية استكمال البنية التحتية وتعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية، التي من شأنها إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين بمشيئة الله، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1435/ 1436هـ على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق والتعاملات الإلكترونية ودعم البحث العلمي.
وكشف معاليه أن الميزانية تضمنت برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو (248) مائتين وثمانية وأربعين مليار ريال. ووفقاً للمتبع، سيتم إدراج المشاريع الجديدة للجهات الحكومية على مواقع تلك الجهات، وعلى موقع وزارة المالية. ووفقاً لما جرى العمل عليه، فقد تم التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن البرامج والمشاريع المدرجة في خطة التنمية التاسعة التي بدأت في العام المالي 1431/ 1432هـ.
وقال معاليه إنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 1434/ 1435 (2013م) وفقاً لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (2.794.772.000.000) ألفين وسبعمائة وأربعة وتسعين ملياراً وسبعمائة واثنين وسبعين مليون ريال بالأسعار الجارية، بمعدل نمو يبلغ (1.54) في المئة مقارنة بالعام المالي الماضي 1433/ 1434 (2012م). ويُتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص نمواً بنسبة (6.99) في المئة؛ إذ يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة (1.56) في المئة، والقطاع الخاص بنسبة (9.38) في المئة. أما القطاع النفطي فقد شهد انخفاضاً في قيمته بنسبة (3.83) في المئة بالأسعار الجارية. وأضاف بأنه بالأسعار الثابتة لعام (1999م) فمن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نسبة (3.80) في المئة مقارنة بنسبة (5.81) في المئة في العام السابق. ويُتوقع أن يشهد القطاع البترولي انخفاضاً نسبته (0.61) في المئة، وأن ينمو القطاع الحكومي بنسبة (3.73) في المئة، والقطاع الخاص بنسبة (5.50) في المئة، وأن تصل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى (58.75) في المئة.
وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نمواً إيجابياً؛ إذ يُقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى (4.72) في المئة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين (7.20) في المئة، وفي نشاط التشييد والبناء (8.11) في المئة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق (6.16) في المئة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال (4.86) في المئة. وقد أظهر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفاعاً خلال عام 1434/ 1435 (2013م) نسبته (3.35) في المئة عمّا كان عليه في عام 1433/ 1434 (2012م)، طبقاً لسنة الأساس (2007م).
وأشار وزير المالية إلى أن مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي، الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد كله، من المتوقع أن يشهد ارتفاعاً نسبته (1.85) في المئة في عام 1434 / 1435 (2013م) مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، وذلك وفقاً لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. وأوضح أنه وفقاً لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي من المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السلعية خلال عام 1434/ 1435 (2013م) (1.376.197.000.000) ألفاً وثلاثمائة وستة وسبعين ملياراً ومئة وسبعة وتسعين مليون ريال، بانخفاض نسبته (5.5) في المئة عن العام المالي السابق، كما يتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات السلعية غير البترولية نحو (195.574.000.000) مئة وخمسة وتسعين ملياراً وخمسمائة وأربعة وسبعين مليون ريال، بزيادة نسبتها (3.9) في المئة عن العام المالي الماضي. وتمثل الصادرات السلعية غير البترولية ما نسبته (14.4) في المئة من إجمالي الصادرات السلعية. أما الواردات السلعية فيتوقع أن تبلغ في العام الحالي (574.089.000.000) خمسمائة وأربعة وسبعين ملياراً وتسعة وثمانين مليون ريال، بزيادة نسبتها (8) في المئة عن العام السابق.
وقال معالي وزير المالية إن التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي تشير إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضاً مقداره (802.108.000.000) ثمانمائة واثنان مليار ومئة وثمانية ملايين ريال، بانخفاض نسبته (13.3) في المئة عن العام الماضي؛ وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات البترولية وارتفاع الواردات. أما الحساب الجاري لميزان المدفوعات فيُتوقع أن يحقق فائضاً مقداره (486.754.000.000) أربعمائة وستة وثمانون ملياراً وسبعمائة وأربعة وخمسون مليون ريال في العام المالي الحالي 1434/ 1435 (2013م) مقارنة بفائض مقداره (617.864.000.000) ستمائة وسبعة عشر ملياراً وثمانمائة وأربعة وستون مليون ريال للعام المالي الماضي 1433 / 1434 (2012م)، بانخفاض نسبته (21.2) في المئة.
ومضى معاليه يقول إنه يُتوقع أن ينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي 1434 / 1435 (2013م) إلى نحو (75.1) خمسة وسبعين ملياراً ومئة مليون ريال، ويُمثل أقل من (2.7) في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1434 / 1435 (2013)، مقارنة بمبلغ (98.8) ثمانية وتسعين ملياراً وثمانمائة مليون ريال بنهاية العام المالي الماضي 1433 / 1434 (2012م).
وأفاد معالي وزير المالية بأن تقرير مشاورات صندوق النقد الدولي مع المملكة لعام (2013م) أكد أن المملكة من أفضل الدول أداء في مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة، وأنها دعمت الاقتصاد العالمي عبر دورها المساند لاستقرار سوق النفط العالمية. وأشار التقرير إلى إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد السعودي. ورحب المديرون التنفيذيون بالصندوق بالتدابير التي اتخذتها الحكومة لتعزيز إدارة المالية العامة، كما رحبوا بالخطوات المستمرة لدعم التطور المالي وتعزيز التنظيم والرقابة الماليين، وأشادوا بالاستثمارات الكبيرة الموجهة للتعليم للنهوض بمهارات المواطنين، مشيرين إلى ضرورة مراقبة هذا الإنفاق في ضوء تحقيق النتائج المرجوة، وأكدوا أن نمو الائتمان في المملكة لا يزال قوياً، وأن الجهاز المصرفي يتمتع بمستوى جيد من كفاية رأس المال والربحية مع بدء تطبيق معايير «بازل 3» لرأس المال في يناير عام (2013م)؛ إذ إن المملكة من أولى الدول التي طبقت هذه المعايير. وقال إن وكالة ستاندر آند بورز (P الجزيرة S) العالمية للتصنيف الائتماني أعلنت رفعها النظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للمملكة من مستقر إلى إيجابي عند درجة ائتمانية عالية (- AA).
وأثنت ستاندرد آند بورز على جهود المملكة في تعزيز وتنويع اقتصادها؛ ما أدى إلى نمو متسارع وحقيقي لمتوسط دخل الفرد، إضافة إلى الإدارة الحصيفة لاحتياطاتها المالية. ويأتي الإعلان بعد إعلان مماثل من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمي خلال شهر مارس المنصرم.
ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - الكلمة الآتية:
الحمد لله رب العالمين. على هذه الساعة المباركة، التي أسمع فيها ما هو - إن شاء الله - خدمة للدين والوطن وللشعب، وخدمة لكل إنسان يطلب من المملكة أي مساعدة، أي شيء فيه خدمة للإسلام والمسلمين دائماً وأبداً، وإن شاء الله أطلب من إخواني الوزراء أنكم تؤدون واجبكم بإخلاص وأمانة، وتضعون بين عيونكم ربكم، ربكم، ربكم، الذي ما بينكم وبينه أي حجاب، أرجوكم، وأتمنى لكم كل توفيق، وأرجوكم مقابلة شعبكم، صغيرهم وكبيرهم، كأنه أنا، أرجوكم، وبالأخص أخص بهذا وزير الخارجية سعود الفيصل. مثلما قلنا أولاً وما سمعته منك أن يكون سفراؤنا باستقبال المواطنين، صغيرهم وكبيرهم، والله يوفقكم، ولله الحمد ما نقص من أموال بلدكم يأتي به الله لكم، وهذه إن شاء الله بينة، وهذا الذي صار أشياء باقية، وأطلعت الأرض أشياء، وهذا من فضل ربكم، هذا من فضل ربكم، هذا من فضل ربكم، وشكراً لكم.
بعدها تلا معالي الأمين العام لمجلس الوزراء المراسيم الخاصة بالميزانية.