أعتبر فيلم «سايكو»، وهو من الروائع التي أصدرها هيتشكوك في العام 1960، من أحب الأفلام إلى قلبي. وهو رواية منمّقة ومشوّقة، يُعتَبر منعطف الأحداث في نهايتها من أفضل ما سترونه في حياتكم. لكنّه يشكّل أيضاً أسوأ مصدر إلهام على صعيد تقديم الأفكار داخل الشركات.
خطرت لي هذه الفكرة أثناء استماعي إلى عرض قدّمه صاحب مبادرة شاب. وكان مفعماً بالحماسة مع تبلور أحداث روايته، وهو يقلّب الصفحات، واحدةً تلو الأخرى، مدرجاً الكثير من الوقائع، والأرقام، والرسوم البيانية، والصور، وسيرة شركات مثيرة للاهتمام حول العالم، كانت تتهجّم على السوق الذي كان يريد النفاذ إليه. وبعد ذلك، أدخل صاحب المبادرة منعطفاً في مجرى الأحداث، وأخبر بأنّه لا يعتزم الامتثال بما فعله الآخرون. لا! فهو كان سيسلك، مع فريق عمله، وجهة مختلفة ويحاول الإخلال بتوازن السوق.
لا شكّ في أنّ الكشف عن الفكرة الرئيسية في وقت متأخر من الرواية ناجح في الأفلام. ولكن قلماً يكون فعالاً إن كنت تحاول عرض فكرة على مستثمر في مشاريع تكتنفها مخاطر أو على كبار المسؤولين التنفيذيين في مقرّ عملك. ويتلقى هؤلاء المسؤولون كماً كبيراً من المعلومات، وفي أحيان كثيرة، تكون مدّة تركيزهم قصيرة جداً. وبالتالي، لا يمكنك أبداً أن تحثّهم على الانتظار والتساؤل عما تريد فعله وما تحتاج إليه.
وقد صدقت إحدى أولى النصائح التي حصلتُ عليها عندما بدأت بالكتابة، إذ قيل لي: أخبرهم بدقّة نسبيّة بما تنوي إخبارهم به - منذ البداية.
كرّس جهودك لإنشاء مختصر تنفيذيّ مفيد، أو نبذة تعريفية مقتضبة. وليكن هدفك وصف جوهر الفكرة التي تريد إيصالها بأقلّ من دقيقتين – ما فحواها، ولمَ هي مناسبة، وما الخطوات التالية الواجب اعتمادها، وما القرارات أو الموارد المحددة التي ستحتاج إليها من الأشخاص المتواجدين في الغرفة.
وصحيح أن ملخصاً مقتضباً للرواية تليه بعض التفاصيل الداعمة هو خير وصفة لفيلم هوليودي ممل. ولكنه سيسمح لك بترسيخ فكرتك بعزم في عقول المستمعين منذ البداية، وبالدفاع عن قضيتك والتأكد من عدم وجود أي موطن غموض على صلة بما قلته وما تريده. وقد لا تفوز بجوائز أوسكار كثيرة، ولكنني مستعد للمراهنة على أنك ستحرز تقدماً كبيراً جدّاً.