صرح الدكتور عصام حجي المستشار العلمي للرئيس المصري بأنه لا توجد دولة ديموقراطية رشيدة تستطيع التخلي عن مصر وهي تخطو نحو التخلص من الأفكار الرجعية، وتسير نحو ديموقراطية حقيقية تقوم على التعليم والوعي، وأضاف حجي - في تصريح صحفي تعليقاً على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون يقضي باستئناف المساعدات الأمريكية لمصر - إن الولايات المتحدة والعالم كله كان يحتاج إلى فرصة لفهم المشهد المصري الذي أصابه بعض الالتباس، وكان يجب أن يأخذ العالم وقته لمعرفة أن مصر تخطو حالياً نحو الأمام وتعمل على محاربة الفكر الرجعي، وأكد حجي أن مصر في مرحلة صعبة ولكنها تاريخية ولن تحقق التغيير المنشود من الثورة إلا من خلال النهوض بالتعليم والصحة والمرأة، وهي المجالات التي ستستفيد في الأساس من استئناف المساعدات الأمريكية لمصر، وقال إن المراهنين على فشل مصر وشعبها في تخطي هذه المرحلة مخطئون، لأنّ مصر برغم كل مشاكلها تعي تماما أن إحداث تغيير جذري لن يرضي جميع الأطراف اليوم، ولكنه سيبني دولة تحفظ كرامة الجميع غداً، وأكد ضرورة اعتبار تطوير التعليم هو المشروع القومي لمصر إذ إنها لن تحقق الرخاء الاقتصادي والتقدم ومحاربة الرجعية سوى من خلال النهوض بالتعليم.
وكانت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي قد وافقت بأغلبية ساحقة على مشروع قانون لتخفيف القيود على المعونات الأمريكية المقدمة لمصر، وأقرت اللجنة مشروع القانون بأغلبية 16 صوتاً مقابل صوت واحد، وقال أنصار مشروع القانون، إنه «يحقق التوازن المناسب بين تشجيع القاهرة على تبني إصلاحات ديمقراطية والاستمرار في الالتزام الأمريكي بمساندة مصر».
وكانت هذه المعونات قد تم تقليصها بدرجة كبيرة في أكتوبر الماضي، في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي على يد الجيش في 3 يوليو الماضي إثر احتجاجات شعبية، ويجيز قانون إصلاح المساعدات لمصر لعام 2013» تقديم المساعدات، لكنه يخضعها لشروط مثل التمسك بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والتعاون في مكافحة الإرهاب، واتخاذ خطوات لإعادة الديمقراطية، وترددت واشنطن كثيراً في اتخاذ موقف واضح وإطلاق توصيف صريح، على التغيير الذي حدث في مصر مع عزل مرسي، في 3 يوليو الماضي، وأعلنت الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي أنها ستحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة ومعدات عسكرية أخرى، وكذلك معونات نقدية قيمتها 250 مليون دولار، عن الحكومة المصرية التي يساندها الجيش، حتى «تحقق تقدما نحو إعادة الديمقراطية ومراعاة حقوق الإنسان».
فيما أكد عدد من الخبراء الإستراتيجيين المصريين أن مناقشة الكونجرس الأمريكي لمشروع قانون يسمح باستئناف المساعدات المقدمة لمصر لمدة 6 أشهر، محاولة منهم لاسترضاء القاهرة، بعدما اتجهت الإرادة المصرية نحو التعاون مع روسيا، مشددين على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم جيدا حجم مصر وأهميتها في الشرق الأوسط، حيث قال اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هناك تحولا واضحا في السياسية الأمريكية تجاه مصر، موضحاً أنه التقى مؤخراً بوفد أمريكي رفيع المستوى من رؤساء مجالس مراكز أبحاث الدراسات الأمريكية، مكون من 10 أفراد من ناصحي صانع القرار في الولايات المتحدة، واستشعر من خلالهم بتحول كبير في السياسية الأمريكية تجاه مصر، وتطرق الحديث إلى إمكانية عودة التعامل خاصة في العقود العسكرية بين البلدين وأوضح «اليزل» أن مناقشة الكونجرس الأمريكي مشروع قانون استئناف المعونات لمصر، خلال الـ6 أشهر المقبلة، هو تحسن كبير على مستوى العلاقات الأمريكية المصرية بعد 30 يونيو، مؤكداً أن استئناف المساعدات ليس له علاقة بالاستفتاء على الدستور أو الانتخابات المقبلة أو ارتباطه بالنظام الجديد، موضحاً أن الموعد محدد منذ 5 أسابيع، وليس اليوم ولا علاقة له بالاستفتاء على الدستور، لأنها برامج توضع بدقة.
قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن تحرك الكونجرس الأمريكي نحو مد المعونات التي تقدم لمصر 6 أشهر، تعتبر تعقلاً من القائمين على الأمر، حرصا على وجودهم في منطقة الشرق الأوسط، وخوفاً من استبدال دورهم بروسيا في منطقة الشرق الأوسط بمجملها، بعدما طالب البنتاجون الأمريكي بالتراجع عن هذا القرار، لأنه كلف أمريكا خسارة بعدما اتجهت القاهرة نحو موسكو، وأضاف نور الدين أن صناعة القرار الأمريكي تتوقف على 3 مؤسسات، هي الجيش والرئاسة والكونجرس، لافتا إلى أن الأول يدفع في اتجاه مصر، لأنهم يعلمون مقدار مصالحهم في المنطقة، في حين تدفع الرئاسة في اتجاه الجماعات الفوضوية، إلا أن الكونجرس يفصل الآن بينهم لصالح مصر.