عندما يعلن معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - وهو المسؤول الأول عن شؤون المساجد - أن الوزارة قررت القيام بتنفيذ برنامج للعناية بالمساجد فنياً في جميع مناطق المملكة، تحت شعار (تحسين صورة المسجد)، تتبادر لذهن البعض تساؤلات: هل المساجد في المملكة لا تحظى بالرعاية المطلوبة؟ وهل تفتقر المساجد لمقومات وجب العمل لإنجازها؟ وهل أنستنا الأيام الاهتمام ببيوت الله؟ وهل منسوبو المساجد من أئمة وخطباء وغيرهم لا يحظون بما يستحقون من رعاية؟ أم هل هؤلاء المنسوبون ليسوا على المستوى المطلوب من علم ومعرفة ودراية وتدبير ومقدرة؟ وهل المساجد بحاجة لمن يلبسها رداء جديداً؟ أم هل هناك من ضرورات استدعت القرار؟
التساؤلات مشروعة، ولكن الإجابة شيء آخر، فالمساجد تحظى بالعناية كل العناية، وتنال الرعاية كل الرعاية، وكل يوم يأتي يزداد الاهتمام أكثر فأكثر، ولكن آن الأوان لخطوة تشكل منعطفاً أساسياً في العمل المنظم لخدمة بيوت الله، فالجهد الفردي سيصبح جماعياً، والعمل الارتجالي سيصير منظماً ومنتظماً.
ومن نافلة الأمور القول إن المملكة العربية السعودية تعد الدولة الأولى في العالم التي تضم بين جنباتها أكبر عدد للمساجد مقارنة بنسبة عدد سكانها، وأن ميزانيتها المخصصة للمساجد بناء، وتشغيلا، وصيانة، تعد من أكبر الميزانيات في العالم الإسلامي المخصصة لهذا الغرض. وهذا أمر بديهي، فالمملكة هي مهد الإسلام - ومتنزل الوحي، ومحكمة شرع الله، فلا عجب أن تكون عنايتها بالمساجد، وخدمتها لبيوت الله في الصدر من أولويات ولاة الأمر فيها - وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- عملا بما ورد في نصوص القرآن والسنة من الحث والأمر بالعناية بالمساجد، وبنائها، وتطهيرها، وتنظيفها، وصيانتها، وعمارتها بالعمل الصالح من صلاة، وعلم، وقرآن، وذكر، وغير ذلك.
وقد أعلن معالي الوزير خلال الاجتماع عن بدء الوزارة في تنفيذ برنامج سنوي جديد للعناية ببيوت الله تعالى يبدأ سنوياً مع مطلع العام الهجري، وينتهي بنهايته، وقال: إن هذا البرنامج سيحمل عنوان «العناية بالمساجد فنياً» تحت شعار تفصيلي هو «تحسين صورة المسجد».
وهذا البرنامج الطموح وضعت بنوده، وخطواته على أسس علمية، بعد دراسة مستفيضة مطولة، بحيث يتم تحديد المساجد، وتصنيفها بحسب حاجاتها، وتحديد متطلبات كل مسجد بعناية، من خلال لجنة تتكون من ثلاثة أشخاص -على الأقل- ومصادقة مدير الفرع على تقرير اللجنة بعد معاينته الشخصية للمسجد، وعدم الاكتفاء بتقرير اللجنة، بحيث يكون مدير الفرع مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن أي تقرير يوقعه عن حالة المسجد، إضافة إلى وجود متابعة حثيثة لتنفيذ ما يتقرر من إصلاحات وتحسينات على المساجد، تحت إشراف معالي الوزير شخصياً، ومع نهاية السنة يتم تقويم شامل لعمل كل فرع من فروع الوزارة، وسيحاسب الجميع على أي تقصير مهما كان.
وبناء على ما رأيته من حماسة الجميع، والجدية المتناهية، والخطوات المتبعة في تنفيذ شعار المرحلة المقبلة «تحسين صورة المسجد»، فإنني متفائل جداً بأننا مقدمون على قفزة نوعية كبيرة في سبيل تحسين المساجد، وصيانتها، ونظافتها، وطهارتها، حتى تظهر بالصورة اللائقة بمكانتها، وقدسيتها التي يطمع إليها ولاة الأمر في المملكة -حفظهم الله- ويتطلع إليها المواطنون بعامة.. والله ولي التوفيق.