لو اطلعت على «ملف فساد» من باب الصدفة، أو سمعت عن «حالة فساد» أياً كانت، فهل أنت مستعد للإبلاغ عن الأمر كواجب ديني ووطني، حماية لأمن المجتمع؟! أم تفضل «السلامة» على طريقة أبعد عن الشر وغني له؟!.
بكل تأكيد لا أحتاج او أنتظر أي إجابة، بقدر ما سأكون سعيداً بمجرد أن أحرك لديك - عزيزي القارئ - هذا الشعور، وأثير في ذهنك هكذا سؤال؟ لأجعلك تتخيل هذا الموقف الذي لربما عشته أو مررت به في وقت ما، حتى تعرف كيف يجب أن تتصرف حيال الأمر؟!.
كثيرون قد يرون أو يطلعون يومياً على أنواع من الفساد الذي يمر عليهم إما بحكم طبيعة عملهم، أو من خلال أحاديث آخرين لهم عنه، ولكنهم يفضلون دوماً الصمت، والعيش بعيداً عن اتخاذ أي خطوة لكشف وفضح هذه «البؤر»، إما خوفاً من تبعات الإبلاغ وعدم فهم ما سيترتب عليهم، أو لقناعة المُبلغ أنّ شيئاً لن يتغير بسبب الصورة النمطية «الخاطئة» التي نتداولها دوماً في أحاديثنا ومجالسناً عن الفساد وتبعات الاقتراب منه حتى ولو لمجرد الإبلاغ عنه؟!.
هنا لو كنت رئيساً « لهيئة مكافحة الفساد « لكلفت على الفور فريق عمل ليقدم لي دراسة علمية واضحة، ومسحاً شاملاً يعكس نسبة من سيبلغ من أفراد المجتمع عن أي « فساد « يراه أو يسمع عنه؟! ومن سيلتزم الصمت ويتجاهل الأمر؟!.
الهدف طبعاً هو وضع خطط للتعامل مع الجمهور والناس وكسبهم عاطفياً وعملياً معي، قبل التعامل مع الأنظمة لكشف الفساد!.
التحدي اليوم لم يعد في سن الأنظمة والقوانين ووضعها، وليس مجابهة - قوى الفساد - دون التحقق من التسلح الحقيقي بأهم أدوات وعناصر المكافحة؟! .
إنه الإنسان الصالح على هذه الأرض، سواءً كان مواطناً أو مقيماً، لأنه العامل - رقم واحد - في نظام المكافحة، وفي حال تعطل هذا المحور خسرت (مكافحة الفساد) أهم عناصرها، فالإنسان هو من يعيش ليرى بعينه، ويسمع بإذنه، ويدفع ثمن هذا الفساد من جيبه !.
أرجو أن (هيئة مكافحة الفساد) تبحث في خططها عن الإنسان (الصالح) قبل (الفاسد)، لتضمن أنه شريك حقيقي معها طوال الخط!.
وعلى دروب الخير نلتقي.