كالعادة اختتمت القمة الخليجية التي التأمت بدولة الكويت بالبيان الختامي للقمة، الذي عرض جميع المواضيع والقضايا التي تهم دول الخليج العربية، وعرض إعلان الكويت وهو الإعلان الذي دأبت القمم الخليجية أن يعرض أهمّ ما أُضيف لمسيرة التعاون لدول الخليج العربية، حيث حثّ الإعلان على ضرورة تنفيذ كافة القرارات الصادرة عن المجلس في جميع المجالات، وإجراء مراجعة شاملة للقرارات التي لم تنفَّذ، وهي بالمناسبة قرارات كثيرة أصابت أهل الخليج بالإحباط وأثارت الشكوك حتى لدى المسئولين، على قدرة دول المجلس تنفيذ وتطبيق القرارات الهامة، كالاتحاد الجمركي وتطبيق بنود الاتفاقية الاقتصادية الموحّدة والعملة الخليجية، وغيرها من البنود التي أصبحت عراقيل صعبة في طريق السوق الخليجية المشتركة، ويأمل أهل الخليج العربي أن تكون هذه المطالبة بتعزيز التعاون الاقتصادي، ليست مجرّد مناشدة لفظية وتثبيتاً في وثيقة إعلان الكويت، بل تترجم عملياً من خلال معالجة كل العراقيل السابقة والقضاء على العقبات البيروقراطية والتحفظات التي تغلب المنفعة القطرية على المصلحة الخليجية العليا.
ومسألة التلكُّؤ في تنفيذ القرارات التي تعتمدها القمم الخليجية، أصبحت أزمة مزمنة تتطلّب المعالجة الجادة والحقيقية، وبالذات القرارات التي تعزِّز المسيرة الاقتصادية، لأنّ التعاون الاقتصادي وجعل دول الخليج العربية إقليماً اقتصادياً واحداً تكاملياً في التصنيع والتجارة والتعاون في تحقيق معدلات نمو وتنمية مستدامة، هو الذي يعزِّز مسيرة مجلس التعاون، ويربط مصالح أهل الخليج ببعضها البعض، مما يسرع بل يجعل الاتحاد الخليجي واقعاً لا يمكن تجاوزه أو تأخيره لأسباب سياسية أو (سيادية)، ولهذا فإنه يجب أن تكون هذه المطالبة بتسريع ووجوب تنفيذ قرارات مجلس التعاون التي لم تنفّذ حتى الآن، منطلقاً لإعادة الحرارة وإيجاد الفعالية والنشاط للجان الوزارية وبالذات التي تهتم بالتعاون الاقتصادي، لمعالجة التحفُّظات التي أدت إلى عدم تحقيق السوق الخليجية المشتركة، بدءاً بإنهاء الإشكاليات التي عطّلت تفعيل الاتحاد الجمركي الخليجي وإطلاق العملة الخليجية الموحّدة، كما يجب أن يبدأ العمل في سرعة إنجاز الإضافات الاقتصادية والتنموية التي ستعزِّز اللُّحمة الاجتماعية لأهل الخليج، كالرّبط الكهربائي، وسرعة إنجاز الخطوط الحديدية لربط دول الخليج العربية، من خلال قيام كل دولة بإنشاء خطوط السكة الحديدية على أرضها، على أن يكون هناك تنسيق والتزام بالضوابط والشروط الفنية والسلامة، إضافة إلى الاهتمام بالتوسُّع في إقامة محطات تحلية المياه المالحة وتطوير شبكة المياه والاهتمام ببرامج الشباب بدول مجلس التعاون بزيادة فرص الالتقاء وتكثيف البرامج الحوارية، مع العمل على رفع مستوى التعليم والتحوُّل إلى الاقتصاد والمعرفة، بإخضاع المناهج التعليمية لمتطلّبات التنمية وفتح الآفاق الفكرية للشباب.
كل هذه الاهتمامات التي تشكِّل هاجساً مشروعاً لأهل الخليج، يتطلّب تحصينها بتعزيز الأمن الداخلي وتحصين الدفاع عن إقليم الخليج أمام أطماع القوى الدولية والإقليمية التي لم تَعُد تخفي تلك الأطماع، ولذلك فقد استقبل أهل الخليج العربي الاتفاق على إنشاء القيادة العسكرية الدفاعية الموحّدة، وإنشاء الأكاديمية الأمنية، وإنشاء الشرطة الخليجية الجنائية (الإنتربول الخليجي) بكثير من التقدير، مع الأمل أن تنفّذ هذه القرارات دون معاناة مثلما حصل في السابق من تأخير في التنفيذ.