نحن مجتمع كما غيرنا لسنا ملائكة، ونحن منّا الصالحون ومنّا دون ذلك طرائق عددا.
من هنا لابد أن يكون فينا الخير والشر والصلاح والفساد ، لكن ألاحظ - مؤخراً - المبالغة - حديثاً وكتابة وتغريداً - في تعميم وجود الفساد في كل شيء، فلو رأى البعض حفرة في شارع لقال هذا نتيجة فساد.
نعم الفساد موجود وهناك جهود كبيرة لمكافحته الأكثر صحة أنّ النزاهة أكثر.
إنّ المواطن من كثرة ما يسمع ويقرأ عن الفساد، يظن أنّ كل مشروع فيه فساد، وأنّ كل المسؤولين فاسدون وهذا ليس صحيحاً البتة ، فالأكثرية ولله الحمد هي الصالحة الأمينة والأقلية هي الفاسدة.
إنّ هناك آلاف المشروعات تقوم وتنتهي بدون أدنى فساد ، وهناك قلة منها فعلاً فيها فساد.
لقد شكا أحد المسؤولين وزير النقل د/ جبارة الصريصري من رمي كل تأخير أو خلل في أي مشروع على الفساد، مشيراً إلى أنّ كيل الاتهامات وكأنها حقائق مما يؤثر على الأداء.
لو كان الفساد لدينا بهذا الحجم من التهويل ما رأينا مشروعاً منجزاً.. بل وهذا هو المسؤول الأول عن مكافحة الفساد أ. محمد الشريف يؤكد بكل وضوح “أنه لا يوجد تأثير واضح للفساد في قطاعات التنمية وإقامة المشاريع ولله الحمد”.
إذن الحديث عن الفساد ليكن طرحاً موضوعياً واقعياً بعيداً عن التضخيم والمبالغة ليكون مجدياً وحافزاً للإفادة منه.
إنّ هناك - كما في الدنيا - كلها عشرات الأسباب لتأخر أو خلل أي مشروع وليس الفساد إلاّ أحد الأسباب.
إنّ هناك جهوداً كبيرة لمحاربة للفساد ومعاقبة مرتكبه ، وقد رأينا أحكام العقوبات من سجن وغرامات على مسؤولي كارثة السيول بجدة.
إنّ الحديث الدائم عن وجود الفساد في كل مشروع وفي كل مفصل من مفاصل التنمية يشيء بأنّ الفساد ظاهرة ، وهذا ليس صحيحاً ونسبة أي خطأ بشري أو تعثّر للفساد وحده يصيب المسؤولين والعاملين المخلصين - وهم الأكثرية - بالإحباط ، فليس أصعب من اتهام الذمم والإساءة للأبرياء دون دليل، فضلاً عن ذلك، فإنّ إقرار أو اعتماد أي مشروع وراؤه إجراءات طويلة ودقيقة ، فالأمر ليس ((مفلوتاً)) فهناك - بدءاً - وزارة المالية - لا تقر ولا توافق ولا تعتمد أيّ مبلغ لأيّ مشروع إلاّ بعد نقاش طويل وتقدير دقيق لتكلفة المشروع، وتعْقب ذلك أجهزة المراقبة والتفتيش ومكافحة الفساد.
زبدة القول : الحديث عن الفساد مطلوب ولكن بلا تعميم وشمولية وبدون اتهامات لم تثبت، فلنرشّد الحديث عنه ولا أقول لا نتحدث عنه.
=2=
** النظام كيف يخدم الناس ولا يعرقلهم ؟ **
** النظام خلق لتيسير وتسيير العمل، والقائد الإداري الناجح هو الذي يطوّع النظام لخدمة مصالح من شُرّع النظام لهم ، وليس لتعطيل مصالحهم.
أتفق كثيراً مع الكاتب المتألّق بالوطن أ. فواز عزيز الذي كتب مقالاً جميلاً الأحد قبل الماضي عن النظام، وطالب أن يتماهى مع متطلّبات التنمية وحاجات الناس ، فالنظام يجب ألا يكون جبلاً ((طويقياً)) أمام مسير حاجاتهم ، والمدير الناجح هو الذي يجعل النظام مطواعاً بيده لا قيداً يأسره ، وكم هي عبارة الزميل أ. فواز صادقة عندما قال: (لو أرادت الدولة تطبيق النظام نصاً لا روحاً؛ للجأت إلى التقنية التي لا تعرف روح النظام أو الإنسانية لأنها آلة وليست إنسان).
النظام حزمة تنظيمية تستطيع أن تخلق منها سداً ، وتقدر أن تجعلها سهلاً !.
من تجربتي المدير الواثق من نفسه هو الذي يوظف النظام لسير العمل ولا يجعل النظام يكبّل مصالح من صدر من أجلهم.
=3=
** آخر الجداول **
- للشاعر طاهر زمخشري:-
(حسبي من الحب أني بالوفاء له
أمشي وأحمل جرحاً ليس يلتئم )