لم يمر على تاريخ نادي الهلال إدارة يختلف عليها محبو النادي، ما بين مؤيد ومعارض، ومتخوف وواثق، مثل إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد؛ فهذه الإدارة وإن كنا نؤمن جميعاً كمتابعين للمشهد الرياضي بأنها إدارة عاشقة لفريقها، ولم تحضر إلا لخدمته والحفاظ على رفعته ومكانته، إلا أنها ومع مرور الوقت لم تعد تتلمس طريقها برؤية واضحة واستشراف للمستقبل، يضمن لها وضع الخطط السليمة والكفيلة بإيصالها لأهدافها وتحقيق تطلعاتها وتطلعات جماهيرها. فبعد أن قَدِمت في ظهورها الأول متسلحة بالمال والرؤية الواضحة لما يجب أن يكون عليه الفريق شكلاً وموضوعاً، ولما
يجب أن يكون عليه مضمون خطابها الإعلامي المتسلح بالمفردة الراقية واحترام الخصوم ونشر ثقافة الفروسية في الميدان التنافسي، حقيقة الأمر اصطدمت بحاجزين لم تحسب لهما أي حساب، أولهما ارتفاع سقف طموحات محبي ناديها لدرجة ملامسة حدود المستحيل كروياً، وثانيهما اكتشافها مدى السوء الذي يغرق فيه وسطنا الرياضي إعلامياً وتنافسياً وأخلاقياً في العديد من المواقف.. فأصبحت وبلا سابق إنذار ضائعة ما بين تلبية رغبات أولئك العشاق والتعاطي مع وسط بأسلوب تنبذه ولا تحبذ استخدامه؛ وبالتالي أصبحت كل خطواتها ومخططاتها تنطلق من ردة فعل للأحداث بدلاً من صنع الحدث وترك الآخرين يبحثون عن أفضل حل للرد على ما تقوم به.
اختلف خطابها الإعلامي فأصبح متشنجاً وضعيفاً في أوقات احتاجت خلالها إما للصمت أو للتروّي؛ فأضاعت على فريقها العديد من المكتسبات ولو بتسجيل موقف حازم يمنع المتطاولين من تكرار عبثهم. وفي هذا الموسم (وأيضاً كردة فعل لامتعاض العشاق مما حصل سابقاً) اختارت الصمت المطبق الأقرب (للخنوع) منه إلى الحكمة في موسم يكاد يشتعل توتراً، ونيرانه لا تنوي إلا إحراق الهلال. فمدرب الفريق منذ اللحظة الأولى لإعلان تعيينه وهو يواجه حرباً منظمة لا يصدقها عقل، ولاعبو الفريق نالت منهم سهام التشكيك والاتهامات في وطنيتهم وأخلاقهم على المستوى الشخصي والرياضي، والفريق كله حاول الإعلام المضاد تجييش جميع الأطراف والفرق المنافسة عليه؛ فلا تمر جولة إلا ويُتهم الهلال بالمجاملة التحكيمية حتى وإن كان المتضرر تحكيمياً، أو بعدم جدارته بنقاط استحقها بعرق جبينه. وخلال كل ما سبق، لا يظهر الصوت الهلالي الرسمي إلا لماماً، يقطر خجلاً ومرتعشاً لعلمه بعدم قدرته على مواجهة كل هذا المد الهادر من التشكيك والتثبيط؛ فأضحى كبير القوم واهناً، ضعيفاً، وجداراً قصيراً يستطيع الجميع التطاول عليه بوجه حق أو خلافه.
حقيقةً، لا أعلم سبب تمسك إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد بموقعها بعد أن قضت فترتها الأولى كاملة، وبعد أن قدمت كل ما تملك لفريقها المحبوب (فكراً ومادةً). حقيقةً، لا أرى في أعين الهلاليين الآن أي بارقة ثقة في إدارتهم (في وضعها الحالي)، وصبرهم لا بد أن ينفد عاجلاً أو آجلاً، فإما تغيير جذري يعيد الثقة، أو رحيل يحفظ ما تبقى من أواصر المحبة في القلوب؛ فهم لم يعتادوا على هلالٍ يتلقى الضربة تلو الأخرى، تصاحبه مباركة الإدارة الصامتة. فهل تتخذ الإدارة قرارها الأخير باختيارها، أم تتخذه مجبرة (كردة فعل) لما قد يحدث من جماهيرها؟ لننتظر ونرى.
بقايا
- هل ما زال الأستاذ عبدالكريم الجاسر مديراً للمركز الإعلامي للهلال؟ أم أنه اكتفى بعضوية مجلس الإدارة؟
- كيف تحولت عبارة (مهزلة تحكيمية) خلال الفاصل إلى (أخطاء تقديرية)؟؟!! هل وصل تغلغلهم في كل مفاصل قناة الوطن إلى هذه الدرجة؟
- لا يخرب على الهلال سير مفاوضاته وصفقاته سوى حديث الجمهور عنها، وضعف المفاوض الهلالي في إنهاء الصفقة بسرعة وحزم.
- قام المندوب بمهمته على أكمل وجه، فقام فوراً وبعد أن أحس (باعوجاج) المسار إلى تقويمه حسب المخطط الموضوع له. عيب.
- ما زالوا يعتقدون أن البذاءة وشتم المنافسين حقوق مشروعة لهم بعد كل انتصار. فهل يغلب كره الآخر على حب فريقهم داخل قلوبهم؟ الحرمان يولّد أبشع صنوف الرغبة في الانتقام. مساكين.
خاتمة
إلى صفالك زمانك عل ياظامي
اشرب قبل لايحوس الطين صافيها