العمل الصحفي لم يعتد مقتصرا على الجانب «الذكوري», فقد دخل في بلاط الصحافة الكثير من الأسماء النسائية سواء ككاتبة رأي أو كمراسلة, ورغم أن نجاح المراسلات أمر نادر إلا أنه وفي الجانب الآخر أجاد العنصر النسائي بعض الشيء في كتابة المقالة, ولأن العمل الصحفي الرياضي دخلت فيه بعض الأسماء النسائية أردنا في «الجزيرة» بحث هذا الأمر مع بعض المختصين, فكانت البداية مع الزميل مساعد العصيمي مدير تحرير الشؤون الرياضية بصحيفة «الشرق الأوسط» الذي أكد أن تجربة العنصر النسائي في المجال الصحفي ما زالت ضعيفة جدا, وقال: «تجربة العنصر النسائي في العمل الصحفي ما زالت ضعيفة جدا, وتعمل من بعيد, وهذا عمل ناقص, أيضا ينقصها الاستمرارية والتواجد والتفاعل مع العمل الرياضي, ويعود ذلك لأن المجال الرياضي في السعودية مجال
(ذكوري) ويحتاج ذلك لتفاعل ولقاءات ونحن مجتمعنا بعيد عن هذا الأمر».
وعن المعايير التي بنى عليها لاستقطاب العنصر النسائي لكتابة المقالة, قال: «الإدراك والوعي والقدرة على إبداء الرأي المتزن والسليم, وفهم الواقع الرياضي الموجود, هذه ما نرتكز عليها في القلم النسائي الذي نستقطبه».
وأوضح العصيمي أن الإبداع النسائي قليل جدا حتى في كتابة الرأي, وقال: «الإبداع في أحيان كثيرة مرتبط بالتفاعل المباشر, ولكن حينما تكون بعيدا وتشاهد من بعيد تكون المسألة فيها أمور غير واضحة».
وعما إذا كان هناك صعوبة في فتح المجال للعنصر النسائي لتكون مراسلة, قال: «طالما ليس لدينا رياضة نسائية الآن فيفترض أن تبتعد المرأة عن العمل الصحفي الرياضي, أو أن لا تكون فيه بشكل فاعل, فالمرأة لها مجالاتها التي تخصها».
وتابع العصيمي: «مسألة استقطاب العنصر النسائي مرتبطة بالقدرة والإمكانات, فأحيانا يأتي لك من تكون قادرة على قراءة الحدث وعمل التحقيق بشكل مميز, حينها تكون أمام موهبة لا بد من منحها الفرصة, ولكن هذا قليل جدا ومن النادر وجودها».
من جانبه, اعتبر الزميل عيسى الجوكم رئيس القسم الرياضي بصحيفة اليوم وجود العنصر النسائي في المجال الصحفي لم تصل لمرحلة النضج, وقال: «نحن مازلنا نقول بأنها تجربة ولم نتخط حاجز التجربة، وذلك بسبب عدم استمرارية الأقلام النسائية، إلا في استثناءات قليلة جدا يكاد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة, وبهذا العدد لا يمكن أن نصنف أن هذه التجربة ناضجة أو تعدت مرحلة التجربة».
وزاد: «لا شك هناك عنصر أو عنصران أو ثلاثة فقط من العناصر النسائية في المجال الرياضي هي من تمارس العمل الصحفي ولم يأتوا لكتابة المقالة فقط, ولعل تجربة يمن لقمان مراسلة جريدة الوطن التي غطت بطولات خارجية كتغطية ميدانية خير دليل, وهذا عكس بقية المجالات الأخرى كالمحليات وفي صفحات وأقسام الحياة أو الأمور الأسرية, ففي هذه المجالات هناك صحفيات تجاوزن التجربة, وأصبح لها أكثر من عشرين عاما وهي في هذا المجال».
وعما إذا كان المجتمع لا يستسيغ تواجد العنصر النسائي في الرياضة, قال: «في المجتمع السعودي كان هناك أشياء محرمة أو تدخل نطاق العيب ومنها تواجد العنصر النسائي في العمل الصحفي الرياضي, ولكن مع مرور الزمن خفت النظرة, ولكنها ما زالت موجودة, بمعنى أنه قبل سنوات كانت نسبة الاستغراب من تواجد العنصر النسائي في العمل الصحفي الرياضي تصل لـ100 في المائة, أما حاليا فالنسبة قد تصل لـ50 في المائة».
وأشار الجوكم أن الأقلام النسائية التي استقطبها في صحيفة اليوم كانت لها تجارب سابقة, وقال: «قمنا باستقطاب هناء العلوني وهي لها تجربة سابقة وما زالت تعمل في المجال الصحفي, أما حصة عبدالعزيز فهي تملك سيرة بالإضافة إلى أنها أكاديمية, وتحمل فكر ورسالة معينة في هذا الجانب».
من جهته, خالف الزميل عبدالله فلاتة رئيس القسم الرياضي الزميلين السابقين, وقال: «تجربة الأقلام النسائية تجربة جيدة, وهناك أكثر من قلم نسائي يقدم بعض الموضوعات في المجال الصحفي الرياضي بتميز, ونحن قبل سنوات كان لدينا مراسلة متميزة, وقدمت عملا جيدا في صحيفة المدينة, والآن لدينا مراسلة أخرى, وبعض الموضوعات نعتمد فيها على القسم النسائي».
وحول المعايير التي بنى عليها لاستقطاب الأسماء النسائية, قال: «المعايير واحدة سواء للرجل أو للمرأة, فالتمكن والقدرة والعلاقات والحس الصحفي الرياضي العالي مطلوبة على الصحفي أو الصحفية».
وعن نظرة المجتمع حول عمل العنصر النسائي في مجال يغلب عليه الرجال, قال: «المرأة لها خصوصيتها وهذه الخصوصية في غاية الأهمية, ولكن المرأة لها تواصلها عن طريق الهاتف أو عن طريق التقنيات الحديثة, أما كمراسلة في الميدان فالنظام لا يسمح لها ولن تكون مراسلة».
وأضاف: «طالما توافق الأمر في عمل المرأة في المجال الصحفي الرياضي بهذه الخصوصية فليس هناك مشكلة بل على العكس هناك من يقدم مواد جميلة جدا, وأعتقد بأن المرأة تتميز بطرحها أسئلة جريئة بشكل كبير, وتقدم مواد متميزة».
وزاد: «في السابق كان تواجد العنصر النسائي في المجال الرياضي مختصرا على كتابة المقالة، وهناك أسماء اشتهرت بكتابة مقالات ساخنة, وكان البعض يردد بأن تلك المقالات لأسماء مستعارة, ولكن فيما بعد اتضح بأن هناك نساء متمكنات وأصحاب رأي بل ورأي قوي جدا».
من جانب آخر، أشارت الزميلة منيرة القحطاني الكاتبة بصحيفة الحياة أنها اتجهت للمجال الصحفي الرياضي «ككاتبة رأي» لأنها تحب الرياضة والقراءة, وقال: «هناك رأي سبق قرأته وأراه ينطبق علي، وهو أن من قرأ صغيراً كتب كبيراً, فقد أحببت الرياضة كما أحببت القراءة وأدمنتها لكني لم أجرب نفسي في الكتابة إلا في الدراسة الجامعية التي تعطي بعض من مقرراتها الحرية في الكتابة وإبداء الرأي دون التقيد بالإجابة، وكنت أراني أجيد هذا الفن، ولكن لا أجرؤ على أن أواصل فيه على مستوى الصحافة لعدم وجود من يساعدني، فأنا لا أعرف أي شخص في هذا الجانب حتى جاءتني الفرصة على طبق من ذهب بواسطة الأستاذة نورة الشبل في صحيفة «الحياة» بعد أصداء لموضوع كتبته في صفحة حقوق الإنسان في جريدة الرياض، وكان الغرض المشاركة في صحيفة «الحياة» عبر صفحة هموم إنسانية لكني رفضت، وقلت بصريح العبارة إما صفحة الرياضة وإلا فلا.. وهو ما أثار استغرابها ولكنها نقلت الفكرة للأستاذ جميل الذيابي الذي رحب بها كثيراً، ومنها بدأت أحقق حلمين معاً تأخرا كثيراً، ولكنهما حضرا أخيراً».
وأضافت: «كنت أقرأ الزوايا الرياضية وأرى في نفسي القدرة على الكتابة أفضل من أغلبهم، ولن أنسى دعم الأستاذ جميل الذي بين الآونة والأخرى يمطرني بعبارات التشجيع التي تحلق بي عالياً، وتدفعني للمزيد كما يرسم لي بملاحظاته القيمة خارطة طريق لمستقبل طالما حلمت به, وكذلك لا أنسى وقفة الأستاذ أحمد الفهيد والأستاذ منصور الجبرتي».
وعن أبرز المصاعب التي تواجهها ككاتبة في المجال الرياضي, أجابت: «عدم تقبل بعض أفراد العائلة للكتابة في المجال الرياضي وشعورهم أن في ذلك منقصة لي ولهم, فهو في رأيهم مجال رجالي بحت، رغم أني متعاونة من المنزل وهو ما ينفي شبهة الاختلاط التي كانت هاجسه ولكن ما عزز موقفي وجود أكثر من شخصية إعلامية وأدبية بنفس الاسم، وهذا يجعلهم في حل من الحرج, ويكفي أن يقال لا نعرفها, وهو ما اتفقنا عليه لأنه بصراحة كنت لا أتخيل أن يتم وأد حلمي لمجرد عادات وتقاليد, وكنت مستعدة للتضحية بكل شيء مقابل الاستمرار واستثمار الفرصة».
وحول نظرة المجتمع لها ككاتبة في مجل يغلبه عليه الرجال قال: «الصراحة وجدت تفاعلاً من الجميع وتشجيعاً وخاصة الصديقات والزميلات وكان هناك من ينتظر يوم مقالي ليرسل لي رسالة بإعجابه بالفكرة أو بالأسلوب, وأتاح لي تويتر فرصة أكبر للانتشار وتوسع دائرة المتابعين من الجنسين الذي لن أخفي أن بعضهم يزودني بالأفكار القيمة ومنهم أكاديميون وأطباء ومهندسين, ولكن يبقى هناك من ما زال (يستغفر) إن عرف أنني أكتب في الرياضة وأكثر ما يقال لي حتى سئمت منه أكثر (ما لقيتي إلا الكورة) وهؤلاء ردي الدائم عليهم هو نعم لم أجد إلا الرياضة لأني أحبها.. ولا يمكن للإنسان أن يبدع إلا في العمل الذي يحبه».