أيهما أهم الفكرة أو الرمز؟
شخصياً أعتقد أن كلا الأمرين مهم، وغالباً هما مرتبطان مع بعضهما البعض، فالفكرة إذا لم تجد حاملاً أمنياً عليها، مخلصاً في حمله لها، صادقاً في الدعوة والمكافحة والمنافحة والذود عنها، فستموت وتنمحي معالمها مع مرور الأيام. في المقابل لا يمكن أن يكون هناك رمز من الناس يستحق هذا الوصف إذا لم يكن حاملاً لفكرة إيجابية لها أثرها الشامل والعام على شريحة عريضة من المجتمع الإنساني.
العالم الافتراضي اليوم يحاول موظفوه لخدمة أغراضهم الذاتية أن يحطموا الرموز في مجتمعاتنا العربية بشكل ملحوظ “ الساسة والعلماء “، وأن يجمعوا الناس على فكرة ذات شعارات جاذبة وبعبارات رنانه، والنتيجة هدم القيادات السياسية والدينية في نفوس الاتباع، حتى يصير الشارع العربي لديه الممانعة الداخلية للانقياد والاتباع والسمع والطاعة جزماً منها أن أخطاء هؤلاء التي عرف طرفاً منها مما قيل في “العالم الافتراضي “ إن صدقٍ مبالغ فيه، أو كذب مروج له !!، أقول إن هذه الأخطاء المكذوبة أو المضخمة التي يرد من إشاعتها والحديث عنها وكشف المستور منها أضعاف منزلة هؤلاء الرموز، ونزع محبتهم والولاء لهم من قلب الشارع العربي، وجمع الأتباع على فكرة هلامية ضبابية مثيرة بلا رمز ولا قيادة فكرية ودون أن يكون هناك مضلة شرعية، والنتيجة من ذلك كله ثورة من أجل الهدم لا البناء !!! ولنا في حكايات وقصص “ الربيع العربي “- الذي بشر به مجهولون ردحاً من الزمن عبر عالمهم الافتراضي - خير نموذجاً وأبين مثال.
إن وجود الرمز البشري لا الملائكي ضرورة من ضرورة العمل أياً كان، والتاريخ شاهد، والواقع معزز، وأيام المستقبل وسنواته حبلى تنتظر ما هو في رحم الغيب من نتائج متوقعة جراء موت الرمز في نفوس الشعوب العربية !؟
ما يجب التنوية إليه هنا ونحن نشهد رحيل” مانديلا” رمز جنوب أفريقيا المعروف “ أن الرموز ليسوا أناسا معصومين بل بشر لهم أخطاؤهم وتجاوزاتهم ولكن مسيرتهم العامة وخطوتهم الإصلاحية وجهودهم المجتمعية تصب في النهاية فيما فيه خدمة أوطانهم وبني جلدتهم، ويقودون غيرهم نحو التميز، ويسيرون بهم سبيل الوصول إلى القمة ما استطعوا إلى ذلك سبيلا.
إننا بحاجة ماسة اليوم إلى إعادة الثقة برموزنا وقادة الرأي فينا، وما بنا من أدواء وأمراض من بين أسبابها غياب “ الكبير الرمز “ سواء في دائرة الأسرة الصغيرة أو الحي أو القبيلة أو....الذي يتمتع بالحنكة ويتسم بالحكمة ويجيد إدارة المواقف ويحسن التحكم في الأزمات ويمسك بزمام الأنفس ويضبط النزوات ويكون هو قبل هذا وذاك قوة في نفسه لغيره ، كما أن الأمة الإسلامية والمجتمع الإنساني يحتاج منا أن نعرفه برموزنا التاريخية بلغة عالمية مفهومة وتتلاءم مع معطيات عصر العولمة ومتطلباته، وخير البشرية وقدوة الإنسانية نبي الأمة ومعلم الناس الخير محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام هو رمزنا الأول وأحق من نجتهد في نشر سيرته بين بني آدم بلا استثناء فهم أشد ما يكونون حاجة إلى السير على خطاه وتقفي آثاره،، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.