في أحد مراكز المراقبة والتنصت الأمريكية يجلس موظفان أمام الشاشة و يتابعان بقعة جغرافية محددة لمهمات هذا المركز في بلد عربي. المهمة سهلة و تتم من الفضاء، و الأشخاص يستمر رصدهم بتتبع الهاتف المحمول في جيوبهم ، حتى أثناء ذهابهم لقضاء الحاجة. التنصت الصوتي يترجم فورا إلى الإنجليزية على المعالج الإلكتروني.
يقول الأول لزميله: انظر إلى هؤلاء إنهم مختلفون عنا في كل شيء.
يرد الآخر: مختلفون عن كل سكان الأرض، يكرهون الجميع و الكل يكرههم.
الأول: انظر إلى ذلك الذي في الزاوية والكلاشنيكوف على ركبتيه. استمع إلى ما يقول، هل سمعته؟.
الثاني: سمعته، إنه يقول سوف نخرج بعد قليل لتنفيذ أمر.
الأول: ترى ماهي المهمة .. و أين؟.
الثاني: لا تستعجل، سوف نعرف بعد قليل في الوقت المناسب.
بعد قليل ترصد الشاشة عدة ملثمين ينطلقون في شاحنة صغيرة.
المراقب الأول: معهم حمولة مغطاة في صحن السيارة.
يرد الثاني: هل تريد أن تعرف ماذا؟ .. دعني أقرب لك الصورة.
يظهر في الصورة مجسم لعدة قذائف مدببة الرؤوس و صناديق ذخيرة و أسلحة يدوية.
يسأل المراقب الأول: هل نلتقطهم، أعني هل نحيدهم و نجهض مهمتهم الآن؟.
يرد الثاني: دعنا نعرف أولا إلى أين يتجهون.
تمضي فترة صمت والمتابعة مستمرة.
ثم يقول الأول: إنهم لا يتجهون إلى السفارة، أليس كذلك؟.
الثاني: لا ليس إلى السفارة. على الأرجح نحو مؤسسة حكومية هناك و ربما إلى السوق الكبير.
الأول: هل يتوجب علينا منعهم من ذلك؟.
الثاني: لا ليس في الواقع. ليس لنا شأن في هذه الحالة. مهمتنا أن نحمي المصالح والأرواح الأمريكية. على الآخرين أن يدافعوا عن أنفسهم أو يقتل بعضهم بعضا. لا شأن لنا بذلك.
الأول: لكننا نستطيع في الواقع مسح الجميع هناك من الخارطة، أعني كلهم، أليس كذلك؟.
الثاني: نعم نستطيع بالتأكيد ولكن ماذا نستفيد؟. دعهم يؤدون المهمة بأنفسهم ، إنهم لا يحتاجون إلى مساعدة.
الأول: إذا حتى متى نصبر عليهم، و متى نتدخل للحصول على حل نهائي و نرتاح؟.
الثاني: نتدخل عندما يصلون إلينا في أمريكا، أو يقتربون من المصالح الأمريكية في أي مكان. القضاء على الجميع بضربة ضخمة مهمة ممكنة، لكنها لا تخدم، و تحرجنا سياسيا.
الأول: لا تخدم ماذا؟.
الثاني: لاتخدم الشعب الأمريكي والمصالح الأمريكية.
الأول: فهمت، ندعهم يطبقون السيناريو العراقي بأنفسهم.
الثاني: بدأت تفهم.
انتهى الحوار في مركز المراقبة
نستأنف متابعة الحوار مرة أخرى لكن بين ركاب الشاحنة في البلد العربي الخاضعين للمتابعة والتنصت من نفس المركز السابق.
يقول قائد الفرقة: الله أكبر، الحمدلله الذي يحقق لنا الانتصارات المتتالية على الطواغيت والملاحدة وأعوانهم.
يسأله زميله: هل المهمة اليوم ضد الشيطان الأكبر؟. إحدى السفارات الغربية مثلا أو أحد تجمعاتهم السكنية؟.
يرد القائد: يا أخي لا نستطيع فعل ذلك. إنهم يحرسون أنفسهم جيدا أخزاهم الله، من السماء وعلى الأرض. لو اتجهنا نحوهم سوف تلقطنا الدرونات بقنبلة ليزر قبل أن نصل. هدف اليوم هو مركز الأمن الوطني. هناك شباب آخرون ينتظروننا لتنسيق المهمة.
يسأل الثالث: مركز الأمن الوطني؟. أيها الإخوة في الله ، إن أخي الأصغر يعمل هناك و أخشى أن يصبح بين القتلى.
يرد القائد بهدوء: لا تكن خوارا في جهادك يا أخي. تهون حياة أخيك في سبيل الله. احتسب جزاك الله خيرا.
يسأل آخر في المجموعة: أليس من المحتمل أن تصلهم إخبارية من الأمريكان للاستعداد قبل أن نصل إلى مركز الأمن الوطني؟.
يجيب القائد مع ضحكة سريعة: لا تقلق، الأمريكان لا يشاركون أحدا في معلوماتهم. سوف نباغت حراس الطواغيت بإذن الله و هم غافلون.
انتهى الحوار
خبر عاجل في الوكالات العالمية: أنباء مروعة عن انفجار عنيف في وسط المدينة العربية الفلانية و سقوط أعداد كبيرة من العسكريين والمدنيين ، بالإضافة إلى أربعة إرهابيين.
الخلاصة: هناك فارق هائل في القدرات بين ثلاثة أطراف. الطرف العلمي يسيطر على الوضع بالكامل، ولا يحتاج إلى تدخل في النزاع بين الطرفين الآخرين. الخرافة والفقر وتمييع الأولويات الوطنية تتكفل بالمهمة.