إعداد - سلطان الحارثي:
أصبح كل المنتمين للوسط الماضي في الفترة الأخيرة يتحدثون عن كتّاب الرأي الرياضي بما يبرز سلبياتهم, وأصبحت الزوايا الرياضية تعطَى للكثيرين دون مراعاة للمعايير التي تجب أن توفر في كاتب الرأي. ومن هذا المنطلق بحثنا مع الزملاء تركي الناصر السديري الكاتب الرياضي والإعلامي المعروف، وصالح الحمادي الكاتب بصحيفة الاقتصادية، الذي سبق أن رأس تحرير صحيفة الرياضية, والدكتور محمد باريان المدير العام للقنوات الرياضية السعودية.
البداية كانت مع الزميل تركي الناصر السديري، الذي أشار إلى أن ابتعاده عن الكتابة الصحفية يعود لانشغاله وانهماكه بعمل كتابه «الإسلام والرياضة», وقال: «بعد هذا الكتاب قطعتُ الآن أشواطاً في مؤلفات أخرى، أرجو أن ترى النور بعد الانتهاء منها, وهذا هو سبب ابتعادي رغم أنني تلقيت عروضاً عديدة من صحف خليجية وفي لندن, وسيكون لي مقالٌ في جريدة الجزيرة قريباً بإذن الله».
وعن المعايير التي كان ينطلق منها لمنح الفرصة لبعض الكتاب, قال: «الانتماء لرسالة الرياضة وقضاياها وهمومها, وامتلاك ملكة الكتابة وإبداعيتها, وقيمة الموضوع ورقي طرحه, هذه أهم المعايير».
وأشار السديري إلى أن الكتابة الرياضية في الوقت الحالي أصبحت على (قفا من يشيل), وقال: «إذا كان تولي مسؤوليات أقسام رياضية بات من نصيب أنصاف الأميين ومن المشجعين ومن المهلوسين, فالأكيد أنها ستتكاثر وتوجد كتابات (نصف كم) لكتّاب وإعلام (زمن زكية زكريا)».
وتطرَّق السديري لكتّاب الرأي الرياضي في الوقت الحالي, وقال: «هناك - ولله الحمد - مَن يكتب المقالة بكل مواصفاتها وقيمتها وروعتها وجديتها وإضافتها لثقافة ووعي المتلقي, لكنهم - للأسف - يواجهون تهميشاً وتغييباً متعمداً من حراس إعلام (زكية زكريا) المحتلين للمشاهد الإعلامي الرياضي».
وختم السديري حديثه موجهاً كلامه للكتّاب, وقال: «الأمر لا يحتاج لنصيحة، إنما يحتاج إلى انحياز للمعيار العلمي الإعلامي والإيمان بقيمة ورسالة ودور الكتابة الرياضية, ولكن هذه الحقيقة لا يحتاج إليها حراس إعلام زكية زكريا؛ كون فاقد الشيء لا يعطيه, وهم لا يريدون إدراك مثل هذه الحقائق ولا وجودها؛ لأنها تنفيهم وتلغيهم وتركلهم خارج بلاط الصحافة, وربما تتسبب في القبض عليهم بجريمة تلويث الرياضة النظيفة».
من جهته, أكد الزميل صالح الحمادي الكاتب بصحيفة الاقتصادية أنه لم يكتب مقالاً رياضياً إلا بعد مرور أكثر من خمسة أعوام على انتسابه للإعلام, وقال: «بقيت مراسلاً لفترة طويلة قبل أن أكتب مقالة, ولم أكن لأكتب مقالاً لولا حدوث مشكلة بين أحد رؤساء الأندية ومجموعة من الإعلاميين القياديين في الصحافة الرياضية السعودية, وأردت التوضيح لأنهم لم يردوا بعد أن اتصلت بهم، ورفضوا الرد, وقتها كتبت مقالتي الأولى التي كانت في مجلة اليمامة».
وعرج الحمادي على المعايير التي كان ينطلق منها لمنح الفرصة لكتاب الرأي الرياضي, وقال: «أنا لست من أنصار أن يكتب المراسل مقالة؛ فالمراسل يجب أن يكون حريصاً جداً على توطيد علاقته بشبكة المعلومات التي لديه, وهذا لا يمنع أن يكتب في وقت المناسبات الفرائحية بما يوطد العلاقة, أما الكتابة النقدية فيجب أن تكون لكتاب متخصصين أو خبراء أمضوا فترة طويلة في العمل المهني, والأفضل ألا يكونوا من المنتسبين للمطبوعة؛ لسبب بسيط هو أن المطبوعة يفترض أن تقوم على الحياد الجاد قدر المستطاع, لكن هذا الأمر لا يحدث لدينا».
وعن تقييمه لكتّاب الرأي الرياضي في الوقت الحالي, قال: «مع الأسف الشديد، كلما زاد عدد الوسائل الإعلامية أوغلنا في التعصب, وهذا شيء مؤسف, ومن المفترض أن تكون الوسائل الإعلامية مجال تنوير وتطوير وتثقيف وتوسيع مدارك, ولكن من المؤسف أننا أصبحنا نتراجع من ناحية الطرف الإيجابي وزاد تعصبنا, والتعصب هنا ليس موجوداً في المجتمع الرياضي فقط إنما أصبح في المجتمع الديني والقبلي وغيرهما, وهذا أمر محزن, فالتعصب مرتبط بالجهل, والعاقل لا يمكن أن يكون متعصباً، لا لمذهبه ولا لقبيلته ولا لمنطقته ولا لناديه الرياضي, أما الجاهل فهو يتعصب في كل شيء».
وأوضح الحمادي أنه من النادر أن تجد كاتباً يجمع بين حلاوة وسلاسة الأسلوب والقدرة على تجسيد الفكرة والبُعد عن التعصب, وقال: «بعض الكتّاب بقدر ما تجد كتابتهم جيدة إلا أن التعصب يفسدها, وفي المقابل تجد مقالات تكتب بعيدة عن التعصب لكنها تفتقر للتجسيد».
وبيَّن أن «التعصب في المقالات يزيد ولا ينقص؛ والسبب هو حرص البعض ممن جاء للمجتمع الرياضي السعودي على شراء كثير من الأعمدة لمصلحتهم قبل حتى أن تكون لمصلحة أنديتهم».
وعما إذا كان لا بد أن يمر الكاتب بمراحل العمل الصحفي أجاب: «شيء جيد أن يتدرج الشخص من مراسل إلى محرر إلى مسؤول أو سكرتير تحرير إلى مدير تحرير، ومن ثم نائب رئيس تحرير ورئيس تحرير. أما بالنسبة للكاتب فلا أعتقد أنه يفترض أن يتدرج في مثل هذه الأمور؛ فغالباً الكتابة تقوم على من دخلوا آخر العقد الثالث، أو دخلوا في العقد الرابع من العمر؛ إذ يكون أكثر نضجاً وثقافة ومعرفة وخبرة, وهذا لا يمنع أن يكون هناك كتّاب موهوبون جداً، وهم في بداية العقد الثالث, ولكن هذا خروج عن القاعدة التي تقول إنه يجب أن يكون في أواخر العقد الثالث حتى يكون قد قرأ كثيراً، واكتسب خبرات كثيرة وازداد عقلانية».
وشدَّد الحمادي على أن المجال أصبح لكل من هب ودب ليكتب ما يشاء ويريد, وقال: «بقدر ما ينفتح العالم على قنوات التواصل نوغل في الطرح السلبي والشتائم والمزايدات».
وأشار الحمادي إلى أننا بحاجة للقرب من بعض، والتواصل، والبُعد عن التعصب, وقال: «في هذا الزمان الذي تكثر فيه المخططات على بلادنا، ويكثر فيه الأعداء, أكثر ما نكون بحاجة كمجتمع سعودي كبير متكون من مجتمعات صغيرة، سواء سياسية أو اقتصادية أو دينية أو رياضية أو مناطقية, أقول نحن أحوج إلى التواصل والترابط، وأن نكون حريصين على تطبيق مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم (وخالق الناس بخلق حسن)».
من جانبه, أشار الدكتور محمد باريان المدير العام للقنوات الرياضية إلى أنهم في القنوات الرياضية يستفيدون من بعض ما يُكتب في الزوايا الرياضية, وقال: «كل ما يكتب في الصفحات الرياضية بشكل خاص متابَع بشكل دقيق, فنحن نقرأ ونميز, ومتى كتب شيء يظهر عيوبنا نستفيد منه, ولعل هناك كتاب أقف لهم تقديراً واحتراماً؛ لأنهم يملكون الخبرة فيما يتطرقون له, ولكن في المقابل هناك كتّاب ينتقدون وهم لا يملكون الخلفية الكاملة, وهذه إشكالية من طرفنا ومن طرفهم, فهم لا يبحثون عن المعلومة، ونحن لم نطلعهم على المعلومة؛ لأننا لا نعلم عما يدور في عقولهم ليكتبوه, ولو سأل هذا الكاتب قبل أن يكتب لوجد الإجابة الكافية».
وحول تقديم القناة لبعض الضيوف كإعلاميين وهم ليسوا كذلك, قال: «أتذكر في برنامج عالم الصحافة أنه تم استضافة شخص قُدم على أنه رئيس تحرير صحيفة إلكترونية, وحينما جاء الحديث عن الدوري والمباريات وُجد أنه لا يملك أي معلومة, وهنا كانت الكارثة؛ فقد تم استضافة شخص في غير وقعه».
وتابع: «أنا لا أتدخل في عمل الإخوان, فأنا جزء من منظومة, ولا يمكن أن أحجم فكرهم وحريتهم, ولكن متى صح الكلام وتم تقديم شخص ليس بإعلامي على أنه إعلامي فهذا خلل سيتم إصلاحه بإذن الله, وسيتم نقل هذه المعلومة للمسؤولين عن ذلك».