تستعد عددٌ من الحرفيات والمتخصصات لإعداد وتجهيز المأكولات الشعبية وخصوصًا «الكليجا» للمشاركة في مهرجان الكليجا السادس بمدينة بريدة الذي ينطلق غرة صفر.
ومن بين الحرفيات «أم عبدالله» التي بدأت قصتها وهي تخطو في عقدها الثاني بجملة «انتبهي يا بنيتي، وحطي بالك» منذ أن كانت تلازم أمها قبل أكثر من 30 سنة خلت، لتجهز أمامـــها المواد والمقادير تارة، وقدور الطبخ تارة أخرى، وفي أحايين ممارسة عجن الطحين وتمثيله وتشكيله، بعد ذلك سارت عجلة العمر، وتقدم الزمن، لتترجل الأم «هيلة» من مجابهة الدهر وصروفه بالعمل والحرفة وصناعة الأكلات الشعبية، لترفع الراية بعدها ابنتها أم عبد الله «نجمة الكليجا» كما يسميها زبائنها اليوم.
أم عبد الله التي طوت من عمرها أكثر من أربعين عامًا حتَّى اللحظة، تروي قصتها مع عالم «سيدات الأعمال» وكيف تطوّر وجودها من مساعدة لوالدتها «هيلة» في تحضير وتجهيز الأكلات الشعبية، إلى أن أصبحت سيدة سوق تلك المأكولات، ومستشارة الذوق والنكهة فيها.
تحكي أم عبد الله أنها لازمت والدتها «هيلة» قبل أكثر من ثلاثين عامًا، كانت معها مساعدة وعاملة تقوم على التجهيز وتحضير الحاجيات والمستلزمات، واستمرت على حالتها تلك، حتَّى بدأت تتشرب تلك الصنعة، وتبرز مواهبها أمام أستاذتها والدتها، حينها تمَّت إجازتها واعتماد يدها وذوقها وتخويلها لأن تمارس العمل بكلِّ تفاصيله، من تجهيز وإعداد وطبخ، وعرض على الزبون.
تذكر أم عبد الله أنها حصلت على «شهادة الاعتماد» الفخرية من والدتها قبل عقود، وهو ما خوَّلها لأن تمسك الراية بعدها في مزاولة حرفة إعداد وعمل الأكلات الشعبية وتجهيز الكليجا والبهارات وخلطات القهوة والشاي وغيرها، الأمر الذي جعلها تقف على قدميها وتواصل طريق التميز، وأنها لا تزال تقف عليها كالأستاذة والموجهة التي تتابع وتصحح، حتَّى استحضرت وراءها فريقًا من المساعدين والخدم والسائقين، وطوت بعدها صفحة العوز والحاجة - بفضل الله - واستطاعت أن تتخطى كل المعوقات المادِّية لها ولأولادها، بتأمين زواجهم ومساكنهم وغيرها.
شماء القويز «أم عبد الله» وابنة مدينة بريدة، طرقت معظم المحافل والمهرجانات الشعبية والسياحيَّة في المملكة، وشاركت في العديد من المناشط والمناسبات الوطنيَّة، بداية من مهرجانات مدينة بريدة ومرورًا بالجنادرية وليس انتهاء بسوق عكاظ وغيره، لتُظهر وتجهز الأكلات الشعبية، وتعرض لجيل الشباب مظاهر وأشكال وطرق الأكل القديمة والشعبية، وكيف كانت البيئة المحليَّة ومعطياتها هي المكون الرئيس لكل أكلة تحلق حولها الآباء والأجداد في القديم.
وتشير أم عبد الله إلى أن لمهرجان الكليجا بمدينة بريدة دورًا كبيرًا - بعد الله - في تفعيل ونشر نشاطها، وإبرازه ومعرفة الزبون لها، وهو الأمر الذي ساعد على استمراريتها ونجاحها حتَّى باتت محط أنظار التجار، ومقصد الزبائن.
مضيفة أنها بدأت منذ فترة في تجهيز وإعداد ما تحتاجه كي تشارك في المهرجان الذي سينطلق خلال الفترة من 1 إلى 11 صفر لهذا العام 1435هـ وذلك بمركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة.
الرئيس التنفيذي لمهرجان الكليجا السادس عبد الرحمن السعيد ذكر أن أم عبد الله تحكي المثال الحي والشاخص الذي أسس من أجله مهرجان الكليجا، الذي جاء ليخلق المناخ المناسب للعديد من الأسر المنتجة وصاحبة الحرفة في الطبخ والتجهيز، كي تمتد جسور التواصل بينها وبين زبائنها، وهو الأمر الذي يفتح الآفاق، ويجدد الفرص، ويساعد على تلمس طريق النجاح والتميز.
وأضاف: إن اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم وسمو نائبه الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بمثل تلك المناشط، وتأكيدهم على الاستفادة القصوى والمثلى من مشاركات الأسر المنتجة، وأصحاب الحرف اليدوية هو الأمر الذي أسس لنجاح هذا المشروع واستمراريته.