يقول الله تعالى {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} آية (11) السجدة.
ويقول الشاعر مخبرا عن الموت وتعاقبه على الناس فيخطف هذا ويغتال ذاك.. وتذهب الآمال في مهب الريح:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالا ونرجو نتاجها
وإن الردى مما ننجيه أقرب
كما أن الموت حق وكل إنسان سوف ينتهي إليه حسب ما قدر الله له أن يعيش في هذه الدنيا الفانية، وكما يقول أحد الحكماء (الموت باب الآخرة) ولكن ليت شعري ماذا بعد الموت من سعادة أو شقاء، والرجال بعد الموت على صنفين أحدهما من يُذكره الناس بخير والآخر من يتوقف ذكره حال مواراة جثمانه التراب. ألم يقل سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه «أنتم شهداء الله على خلقه» أو كما قال..عندما أثنوا على جنازة واقلّوا من الثناء على الأخرى وهم جالسون.
في يوم الثلاثاء الخامس عشر من محرم الجاري صُعقت وأنا أتصفّح جريدة الجزيرة وأمام عينيّ خبر وفاة الأخ الشقيق سليمان الأفنس الشراري. وأقرأ الخبر وأنا في ذهول من المفاجأة التي أذهبت صوابي وعندها وعيت على معرفة وفاة الصديق الوفيّ الذي أفنى حياته باحثا وكاتبا ومؤلفا. عرفت فيه رحمه الله الصديق الوفيّ والأخ الصادق والرجل الذي يتمتع بالأدب الجمّ والخُلُق الحسن.
كان عندما أتصل به أو يتصل بي يبدأ صوته بالثناء على شخصي ويقاطعني عندما أتحدث عنه ليعتذر بأنه لم يفعل شيئا يستحق الثناء عليه. كان رحمه الله من الذين أسسوا الحركة الثقافية في المملكة وله دور بارز في البحث التأليف الثقافة والأدب. وكان من المؤسسين لنادي الجوف الأدبي وعضو في اللجان الثقافية فيها. وعضو في بعض اللجان والهيئات الصحفية في الخليج.
كان رحمه الله شعلة مضيئة في حياته العلمية والعملية, عرفته كثيرا في ملتقى الوراقين الذي تم تأسيسه في جريدة الجزيرة, وعندما طّلب مني في أحد لقاءاتنا أن أتحدث عن تجربتي عن (التأليف في سير الرجال) وتحدثت مرتجلا عن ذلك أثنى على حديثي كثيرا وقال لي (شكرا أبا صالح.. هكذا يكون الحديث بارك الله فيك) فسعدت وقتها حيث أتلقى الثناء من رجل أحبه ويحبني ويعتبر حديثه عني شهادة أعتز بها وأضعها وساما على عاتقي.
رحمك الله يا أبا إبراهيم لقد كانت الثقافة لديك هما حتى وجدنا منك المؤلفات الكثيرة والأحاديث الثقافية المنوعة. عزائي لأبنائه وأسرته وللمثقفين في المملكة عامة ومنطقة الجوف خاصة لقد رحل وترك إرثا ثقافيا متميزا سوف يثري الحركة الأدبية في الساحة الثقافية في المملكة وسوف تذكره الأجيال اللاحقة.
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم وسّع له في قبره ونوّر له فيه.. اللهم اجمعنا وإياه ووالدينا والمسلمين في مستقر رحمتك.آمين.