حتى نهاية الأربعينيات الهجرية من القرن الماضي وأجدادنا يغادرون مدنهم وقراهم بسبب الجوع والفقر وقلّة فرص العمل متجهين إلى عدَّة دول منها العراق وسوريا وفلسطين والبحرين والهند وغيرها.
وفي البحرين عمل بعضهم في الغوص وتوفي عدد منهم سنة (الطبعة) التي اشتهرت بهذا الاسم في دول الخليج العربي عام 1343هـ كان ذلك قبل أن ينعم الله على هذه البلاد بفتح خزائنها من الذهب الأسود!
واتذكر هنا بيتين من قصيدة لشاعر من أهل عنيزة يلقب بـ(الخال) كان في البحرين أجبره الفقر على الغربة فهزه الشَّوق إلى مدينته فقال:
يقول الخال يومنه تمنا
وهو بين المحرق والمنامة
بجسر والبحر منا ومنا
الا يالله طالبك السلامة
ولكن ما الذي يجتذب في وقتنا الحاضر هذه الأعداد الهائلة من السياح السعوديين شبابًا وعائلات للسفر إلى البحرين! أنا لا اعترض على سياحة لدولة خليجية شقيقه تربطنا بأهلها الطيبين علاقات أسرية وأخوية متينة.
ولكن الأخبار الصحفية تستوقفني وأنا أقرأها، مئات الآلاف خلال الإجازات القصيرة تحط رحالها في البحرين ماذا يوجد هناك ليشد له السياح السعوديين شبابًا وعائلات رحالهم! ما المميزات والتسهيلات التي يجدها السائح ولا نستطيع أن نوفرها له في مدن كالدمام أو الخبر أو جدة!! إذا كان أحد الأسباب هو مشاهدة المسرحيات البحريينة والكويتية التي تعرض في صالات فنادق المنامة فلماذا لا يتم تنشيط المسرح الاجتماعي الذي حتَّى الآن غفلت عنه جمعية الثقافة الفنون وهيئة السياحة كعنصر جذب للجمهور! وإذا كانت مشاهدة الأفلام السينمائية سبب آخر.
فلقد تبنَّت مدينة بريدة مؤخرًا تجربة سينمائية ناجحة مما يعني أن التحرز والتخوف من السينما لم يعد كما في السابق بعد أن تَمَّ اكتشاف أن السينما يمكن أن توفر مكانًا لتزجية الوقت الجميل مع الأسرة دون أن يحصل ما يتخوف منه البعض من فساد وخراب في الأرض فكل نشاط بشري يخضع للمشرفين عليه ولهذا لعلَّ من حقنا أن نتساءل لماذا لا تعمم التجربة البريداوية!
في البحرين لا يوجد جبال ولا ثلوج ولا أمطار ولا مسطحات خضراء ولا مساحات شاسعه ولا أنهار ولا طبيعة أخاذة.
فطبيعتها لا تختلف كثيرًا عن طبيعة مدن المنطقة الشرقيه! ربَّما هناك أسواق جاذبة بتصميمها واحتوائها على فعاليات ومرافق تستمتع فيها الأسر بينما غالبية المولات لدينا عبارة عن دكاكين في ممرات طويلة! ربَّما أيْضًا رخص أسعار الفنادق والشقق ونظافتها مقارنة بما عليه الحال لدينا! لكن ذلك لا يمنع من طرح السؤال أعلاه على أنفسنا آباء وأمَّهات وشبابًا وعائلات ومسؤولين وجهات حكومية يأتي في مقدمتها هيئة السياحة.
فلعل الهيئة بحكم التخصص وبما لديها من مستشارين تستطيع أن تعرف لماذا (الملايين) سنويًّا يتجهون للشقيقة البحرين دون أن تجذبهم مدننا السياحيَّة إلى فعالياتها ومواقعها السياحيه!!