عندما يقوم المجرم بفعلته فإن كل القوانين والأنظمة إذا أرادت معاقبته فإن أولى الخطوات هي القبض عليه فإيداعه السجن ثم محاكمته فالحكم عليه بالعقوبة المناسبة! لكن العالم الغربي والذي نصب نفسه شرطيا وقاضيا والذي يكيل بمكاييل عدة
مقدما مصلحته على قيم العدالة والإنسانية التي يرفعها كشعار سرعان ما يتهاوى في أحوال المسلمين!! هذا العالم بمنظماته التي تدعي الحفاظ على حقوق الإنسان ابتكر طريقة جديدة للعقاب!! وهي تعد سابقة خطيرة في معاقبة المجرمين! فبعد التهديد والوعيد الغربي بتدمير أهداف محددة يستخدمها النظام السوري لضرب شعبه تمخض الجمل فولد فأرا ميتا! تلك السابقة الخطيرة في نظام العقوبات توجهت إلى تدمير سلاح المجرم وتركت المجرم يعيث قتلا وتشريدا في شعبه! بل إن حتى الدعوة التي أطلقها لإيقاف مؤقت لإطلاق النار لم تكن لكي يلتقط الشعب السوري أنفاسه ويتدبر شؤونه لبضعة أيام بل من أجل مساعدة المفتشين للقيام بمهامهم في تدمير الأسلحة الكيميائية! وليست من أجل الشعب المحاصر بالجوع والمرض والفقر وقلة الحيلة! السلوك الذي يصدر من المنظمات الدولية والدول الغربية والشرقية من النظام السوري هو سلوك غير أخلاقي ولأول مرة يحدث في تاريخ العقوبات أن تختزل الجريمة في السلاح وكأن السلاح هو الفاعل! ولأول مرة ينفذ مجرم من وجه العداله بهذه الطريقة العبثية بمباركة يقودها عالم غربي متحضر! كنا نتوقع أن يصنف بشار الأسد كمجرم حرب تتم ملاحقته والقبض عليه ومحاكمته لا أن يترك يقود معركة (علي وعلى شعبي)! لكن واقع الحال يختلف تماما! الآن يتم تدمير السلاح الكميائي الذي اشتراه الأسد بأموال السوريين بالضبط كما حصل مع زعيم ليبيا عندما سلم أسحلته النووية صاغرا والتي كلفت المليارات! أفعال (الزعماء) العرب تتشابه في نكبة بلادهم وشعوبهم! ولكن لماذا يحدث هذا العبث؟ فتش دائما عن المستفيد، فالقوى الغربية تعرف أن النظام السوري يتهاوى ولكنه يملك السلاح الكيمائي فقررت تدميره ليس حماية للشعب السوري ولكن حماية للشعب الإسرائيلي!! لذلك تنادى الغرب والشرق بتدميرها فهنيئا لإسرائيل هذا التعاطف العالمي. أما ضحايا الأسد فلا بواكي ولا عزاء لهم! والغرب فقط ممنون لهم لأنهم كشفوا أن هناك أسلحة كيميائية فتاكة يمتلكها النظام السوري! في ظل هذا المشهد المرير جاء ذلك الموقف المشرف للمملكة عندما ألغت مؤخرا خطابها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولأول مرة في التاريخ، القرار عكس عدم رضا المملكة عن موقف الأمم المتحدة تجاه القضايا العربية والإسلامية، ولا سيما قضية فلسطين التي لم تستطع حلها لأكثر من 60 عاما، ولم تتدخل لوقف المجازر التي ترتكب في سوريا، ولم تساعد الأقليةلمسلمة في ميانمار، بحسب رأيي هذا القرار كان المفروض أن يكون قرارا جماعيا تتبناه الدول العربية والإسلامية! لكن يكفي للمملكة أن تسجل هذا الموقف المشرف ليضاف إلى مواقفها الكثيرة خدمة للقضايا العربية والإسلامية.