الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة، لها نظامها المُحَدِّد لأهدافها ومهامها، مثلها مثل أي جهاز حكومي، ويفترض إن كان هناك نقد أن يكون نقداً بناء، وألا يحمل هذا الجهاز ما لا يُحتمل، ولا تضخم بعض الأخطاء التي قد تحدث، فمن لا يعمل لا يخطئ، فالهيئات جهودها واضحة جلية، وأعمالها عظيمة، فمن اطلع على تقارير أداء هذا الجهاز، وقف احتراماً وتقديراً لتلك الجهود الجبارة، واسهاماتها المباركة، التي تصب في خدمة الوطن والمواطن.
ومع تلك الجهود يُظهر البعض التذمر وعدم الرضا عن أعمال الهيئة، وهذا أمر طبيعي، فالرضا غاية لا تدرك في بعض الأحوال، إلا أن التحامل على الهيئات بشكل يوحي بعدم فائدتها والمطالبة بإقصائها أمر فيه مغالطة، ومجانب للحقيقة، أوحى لهم بذلك أسباب مختلفة منها ما يتعلق بذات الاشخاص، ومنها ما يتعلق بوسائل الإعلام كالصحف وغيرها، التي قد ساهمت في ترسيخ بعض الصور النمطية السلبية عن الهيئات، ومنها ما يتعلق في تعامل الرئاسة العامة للهيئات مع بعض الأحداث والوقائع، وهو ما أرغب الحديث فيه، فالهيئة تتأنى في بعض الحالات في التعامل مع الإعلام مما يرسخ شيئاً مما يتناقله البعض، وتتعامل مع حالات أخرى كقضايا الابتزاز تحديداً ووفقاً لما ينشر، بشيء من التحفظ تجاه أحد طرفي القضية، وخاصة المرأة، مما يحدث آثاراً سلبية، ويعطي فرصة للمتربصين لأعمال الهيئة، بإثارة الكثير من التساؤلات، وقد يعطي مفهوماً خاطئاً بأن أحد طرفي القضية ربما لا تقع عليه عقوبة، فيفترض أن تنوه الهيئة بعقوبة من ادعى وهو في الأصل مسهل أو مشارك لوقوع القضية، وأن تسعى لتحقيق الشفافية حتى لا تعطي لضعفاء النفوس، وللمخادع والماكر، الفرصة في الاستمرار بالخطأ أو النيل من الهيئة، وحتى لا يقال إن الهيئة أصبحت حامية لأمر لا تقصده، ولا تسعى له، وإغلاق الباب أمام الشائعات، وتحقيق الأهداف المرادة بشكل أدق ومهنية عالية، هذا من جانب.
الجانب الآخر يتضح للجميع من خلال مهام ومسمى الهيئة أنها تسعى لتحقيق أمرين: الأول يختص بالأمر بالمعروف والآخر يختص بالنهي عن المنكر، وكلاهما مكملان لبعضهما، ولا يزيد أحدهما عن الآخر بالأهمية، وإن كان هناك من تفضيل فالأول مقدم على الثاني، إلا أن جسامة وكثرة ما يقع في الأمر الثاني من قضايا، جعل الاهتمام ينصب عليه أكثر، حتى تهيأ للعامة أن هدف الهيئة يقتصر على النهي عن المنكر دون غيره، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في توازن الأهداف.
أسأل الله أن يديم على الوطن الأمن والأمان، وأن يعين من يسعى لرفعة الإسلام والمسلمين.