العلم قوة. هذه من حقائق الحياة، فالمتعلّم دائماً أفضل حالاً من الجاهل في كل النواحي تقريباً، فلديه فرص أفضل في تحصيل المال، وهو أحدُّ ذهناً وأكثر وعياً، ولديه أدوات لتطويع ما حوله من ظروف وبيئة وحتى بشر لتحقيق أهدافه، فإذا كان هدفه نبيلاً فإنه ينفع أمَّته وينشر العلم والخير، وإذا اقتصرت أهدافه على نفسه لم يكن هذا بنفس النُّبْل ولكن رغم ذلك فهو أقدر أن ينفع نفسه من الجاهل، ولذلك ينشغل العاقل بالعلم والتعلم بشكلٍ مستمر ويطوِّر القدرات التي تُمكِّنُه من التعلم مثل كثرة القراءة وتقوية الذاكرة وتعلّم لغات أخرى إذا اختصَّت تلك اللغات بعلمٍ من العلوم، لكن نظراً لضخامة حجم المخزون العلمي في العالَم وانهمار المزيد من العلوم الجديدة علينا -خاصة مع التطور التقني المذهل الذي نعيشه اليوم- فإن هذا يُحبِط من يريد تعلم الكثير من العلوم، فكيف يحيط ببعضها بالكامل (فضلاً عن كلها)؟ غير ممكن. ليت هناك طريقة يتعلم بها المرء بسرعةٍ هائلة كل ما يريد أن يتعلمه!
ومن الأشياء الشيقة التي تَرِد في الخيال العلمي هو أن يكتسب المرء مهارة أو قدرة في لمح البصر، وذلك بأن يشرب شيئاً مثلاً أو يبتلع حبة سحرية، ومن ذلك ما أتى في فيلم «ذا ميتريكس»، فيوصل الشخص رأسه بسِلك ويُنزل معلومات هائلة إلى مخه بسرعة، وفي ثوانٍ وإذا به يُتقن قيادة طائرة أو فناً من فنون القتال، وهذه فكرة شديدة الإغراء بلا شك، فمن منا لا يريد أن يتحول إلى عالمٍ قويٍ يعرف كل ما تعرفه البشرية؟ هذا سيفتح أمامك أبواب كل شيء! لكن هذه خيالات طبعاً وليست حقيقة، وكل من رآها لعله قال: ليتني أعيش في المستقبل ويخترع العلماء شيئاً مثل هذا. لكن ما أعجبَ العصر الذي نعيش فيه الآن، فقد وجد العلماء أن هذه الفكرة ممكنة!! تعاون علماء أمريكان مع علماء يابانيين واستخدموا جهاز الرنين المغناطيسي بطريقة معيّنة، فنسخوا خريطة الإشارات الكهربائية في مخ شخص أتقن حل ألغاز صعبة، وأخذوا هذه الصورة وبثّوها عن طريق جهاز الرنين إلى مخ شخص آخر لا يعرف كيف يحلها، وفوراً استطاع أن يحل الألغاز! هذه اكتشاف هائل ويمكن -نظرياً على الأقل- أن يجعلك في المستقبل القريب تستطيع تعلم عدة لغات في ثوانٍ معدودة، أو أن تُتقِن الرياضيات والفيزياء والكيمياء في دقائق، ومن يريد تعلم حرفة كالنجارة أو الحدادة أو الطبخ أو الحاسب فلن يحتاج دورة أو تدريباً بل يستلقي في جهاز الرنين المغناطيسي ذاك ويجعل المعلومات تسيل إلى عقله! هذا أيضاً سيفتح الباب أمام علاج الكثير من الأمراض النفسية والعقلية، وذلك بنسخ ما في مخ إنسان سليم إلى مخ مصاب.
يا له من عصرٍ عجيب! والأعجب أن هذا ليس بشيء مقارنة مع الكميات الخيالية من العلم الموجودة فعلاً التي لم يُطلِعنا عليها الله سبحانه، فقال:{وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}. لكن رغم ذلك فنحن نعيش ثورة في العلم لم يسبقنا إليها عصر.