هل يُرهقك المشي؟ بعض الناس إذا ركب السيارة وذهب للسوق وأخذ يمشي فيه قليلاً ويشتري أغراضه فإنه لا يرجع لبيته إلا وقد خالط الإرهاق عقله وجسده، رغم أنه لم يبذل مجهوداً كبيراً، وإنما فقط مشى وحمل سلعاً ليست بالغة الثِّقَل. ماذا عن العمل والدراسة؟ الكثير من الناس لو ذهب للعمل أو الجامعة ولو بضع ساعات خالية من المجهود الجسدي والضغط النفسي فإنه يُلقي نفسه على أريكته فور وصوله وكأنه انتهى من سباق ماراثون!.
ما هو الحل مع هذا؟ بعض الناس لديهم عوامل تُسبِّب هذا الإرهاق، فالبعض مثلاً يعاني من عِلل تسبب التعب، لكن أكثر حالات التعب هذه يمكن تحسينها أو حتى شفاؤها تماماً بشيء واحد: الرياضة. عندما تمارس الرياضة باستمرار (أي عدة مرات في الأسبوع بشكلٍ ثابت) فإنك تفعل عدة أشياء كلها تزيد الطاقة لديك، فأولاً التنفس العميق والكثير يدفع بكميات كبيرة من الأكسجين إلى رئتيك اللتين تنقلانه إلى الدم الذي بدوره يمر على أعضاء الجسم ليزوّدها بالأكسجين وأهمها طبعاً هو المخ، والآن صار المخ يستقبل كميات أكبر من الأكسجين تختلف عما كان يستقبله في العادة عندما يكون الشخص جالساً فتصير خلايا المخ أنشط وأكثر انتباهاً. غير المخ فهناك العضلات التي تزداد قوتها وكفاءتها بالرياضة، فتصير الأشياء اليومية التي تفعلها أسهل عليك ولا تستهلك نفس الطاقة المعتادة. ولا تنسَ جهاز المناعة! الداء دائماً يؤثر على الطاقة، وحتى الأمراض الصغيرة التي لا يلقي لها الكثير من الناس بالاً مثل الزكام تؤثر على طاقة المصاب فلا يشعر أنه بنفس النشاط، وأحياناً يشعر الشخص أنه يريد أن يستلقي ولا يتحرك، لكن أفضل حل هو الرياضة، فرغم أن الاستمرار على الرياضة هو الأفضل ويقلل فرص الإصابة بالبرد والانفلونزا إلا أنه لا يلزم هذا الاستمرار للحصول على فوائد الرياضة للمناعة، فحتى حصّة واحدة من الرياضة تقوي جهاز المناعة في لحظتها، والتمرُّن قبل التعرض للفيروسات يزيد المناعة فوراً، وينصح المختصّون قبل الذهاب للأماكن التي يمكن الإصابة فيها بالمرض (طائرة الخ) أن تتمرن الليلة التي قبلها أو حتى صباح نفس اليوم، ووجد العلماء أن الذين يتريّضون باستمرار قلَّت لديهم الإصابة بالالتهابات الصدرية بنسبة 20%.
عودة لموضوعنا عن الرياضة والطاقة، فإن الشاهد هنا هو أنه إذا قَوِيَت المناعة صار الإنسان أقل عرضة للأمراض ومن ثم لا يتأثر مستوى الطاقة لديه. هذه بعض الأوجه التي تزيد بها الرياضة مستوى الطاقة للإنسان، ومن عجائب هذا تأثيرها على إحدى العِلَل التي تصيب الإنسان وهو داء اسمه التعب المزمن، لا علاج له ولا يُعرَف سببه بالضبط ولكن من أعراضه الإرهاق المستمر والأرق وضعف الذاكرة وآلام في العضلات، وطالما نَصح المختصون بأن يغيّر المصاب طريقة حياته بحيث تكون أسهل وأقل نشاطاً وحركة ليتعايش مع هذا الداء، لكن أحدث وأكبر دراسة طُبِّقَت على المصابين وجدت أن العكس صحيح: إن الرياضة المستمرة هي أفضل شيء للتعايش مع مرض الإرهاق المزمن. بل إن الرياضة المستمرة من عِظَم نفعها يمكن أن تعكس مسار هذا المرض وقد تشفيه تماماً بإذن الله!.
لا يوجد شيء أنفع من الرياضة. لا شيء إطلاقاً. إنها أعظم وسيلة لنا لمكافحة الأمراض والآلام والعلل بكل أنواعها، سواء الكبيرة مثل أمراض القلب والسرطان، وحتى الصغيرة مثل البرد وكثرة الإرهاق، فلا تتوقفوا أبداً عن الرياضة ولو كَثُرَت أشغالكم، واجعلوها جزءاً ثابتاً من يومكم.