اختتمت الدورة الـ13 من ندوة مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري هنا الليلة فعالياتها بإشهار (الهيئة الدولية للحوار والتوافق)، وسط إقبال وإشادة بالحوار العربي الأوروبي الذي دار لمدة يومين، تحت رعاية اتحاد البرلمان الأوروبي.
وانطلقت مراسيم الختام بكلمات متفرقة، قدمها كل من ممثل الجالية اليهودية في بلجيكا موشي فريدمن وممثل بابا الفاتيكان ألان بول شارلس ليبيون ومستشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر لحوار الحضارات وممثله محمد مهنا، ليؤكدوا جميعاً ضرورة التفاهم والتسامح بين الأديان والحضارات والثقافات، ويجمعوا أن الحوار الإيجابي هو أفضل سبيل ليتقبل البشر بعضهم البعض ويعيشوا في سلام.
وأشادوا أيضاً بمبادرة مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري وجهود القائمين عليها في تجميع المفكرين والمثقفين والسياسيين أيضاً تحت سقف واحد ومظلة المؤسسة، ليتناقشوا ويتفقوا على المصالح المشتركة والانضمام إلى دعاة السلام ونبذ الكراهية والطائفية في العالم.
وعبر بعدها رئيس مجلس أمناء المؤسسة ومؤسسها الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين في كلمة الختام عن اعتزازه «بهذه الرغبة العارمة التي أبداها الحضور في تأكيد حق الجميع بالمساواة والحرية والعدالة وأن ينعم العالم بأسره بثمرات الحضارة التي هي نتاج إنساني عام وأن تزول الخنادق التي حفرها البعض وفق مصالح ضيقة وأفكار عقيمة».
ودعا إلى تعاون الجميع «لإقامة عالم تندثر فيه وإلى الأبد الدعوة إلى الانتقام والعنف والرغبة في الهيمنة وتهميش الآخر وأن يكون الحوار وحده الوسيلة المثلى للتقارب والتفاهم وحل المشكلات بين شعوب العالم».
وقال البابطين «لم تكن الدعوة إلى الحوار بين الحضارات التي التزمت بها مؤسستنا مجرد شعار ترفعه في المناسبات لكي تخلي مسؤوليتها الأخلاقية بل تطلب ذلك عملاً دؤوباً وندوات ولقاءات متعاقبة في مختلف البلدان لتأكيد هذه الدعوة ولجمع أكبر عدد من النخب المثقفة لتأييدها والعمل على إنجاحها».
وأشار إلى هذه الندوة التي اعتبرها «الثمرة الأخيرة لهذه الدعوة وأنه لن يؤتي هذا اللقاء ثماره المرجوة ما لم تتحول أفكاره إلى برامج عمل ومشاريع لكي يتحول الحوار من أمل إلى واقع ومن رغبة إلى كيان».
وأثنى على رئيس البرلمان الأوروبي وأعضاء البرلمان الذين «أتاحوا لنا عقد هذا الاجتماع وأحاطونا برعايتهم وعنايتهم الفائقة، وبذلوا كل جهد ممكن لكي يكون هذا اللقاء حدثاً بارزاً في الحاضر وممتداً في المستقبل»، موصلاً امتنانه لكل من شارك وأثرى الجلسات والندوات الثقافية وللعاملين والمنظمين في المؤسسة والوسائل الإعلامية المختلفة.
وقام دكتور العلوم الاجتماعية والإعلامي الدكتور محمد الرميحي بقراءة البيان الختامي للندوة والتي أعلنت عن تأسيس (الهيئة الدولية للحوار والتوافق) وهي هيئة دائمة تضم نخبة من المثقفين والمفكرين والسياسيين «المنشغلين بحياة الإنسان وكرامته ومصيره وتمثل الضمير الإنساني في جميع بقاع العالم» شارحاً أنها ستعمل على «منح قضايا البشرية ما تستحقه من جهد ووقت وتكون دائماً على استعداد للإسهام الفاعل في مواجه كل ما يعكر الصفو العالمي».
ودعا البيان إلى تعاون جميع «أصحاب الفكر والرأي الحر وقادة العالم وزعمائه ومسؤولي المنظمات الدولية لمنع كل أشكال الإرهاب والظلم والاضطهاد والاستبداد وتجفيف منابعها وإيجاد حلول حقيقية للأزمات التي تتعرض لها الإنسانية وتعطل مسيرتها نحو التقدم والرخاء الذي ننشده للإنسان في كل مكان».وتابع «لقد أجمع السياسيون والمثقفون والأكاديميون المهتمون من العرب والأوروبيين على أن المرحلة التاريخية التي يمر بها العالم وخصوصاً المنطقة العربية هي مرحلة مفصلية يجب على الجميع أن يفكروا فيها بجدية وعمق من أجل المساعدة في تجاوز الأزمات المنذرة بمخاطر كثيرة على شعوب المنطقة وعلى أوروبا والعالم أجمع». وأضاف «اتفق المشاركون على أن كثيراً من دول المنطقة العربية تشهد في الوقت الراهن تغييرات هيكلية عميقة مثل مصر وسورية وتونس واليمن ولبنان وليبيا، كما تشهد دول أخرى إرهاصات ناتجة عن هذا الحراك الكبير».
وقال إنهم «أجمعوا على أن الأمن والتنمية مهددان في المنطقة العربية، ولذلك لابد من تضافر الجهود لفهم ما يدور في المنطقة من تغيرات بشكل صحيح حتى نتمكن من درء المخاصر وتحقيق الاستقرار في المنطقة العربية وغيرها من بقاع العالم التي تتراجع شيئاً فشيئاً ولكنها في حاجة ماسة إلى التنمية والتطور اقتصادياً وتكنولوجياً واجتماعياً وسياسياً»، مشيراً إلى أنه من خلال ذلك «قد نتمكن من تقليص الفجوة الهائلة بين الشعوب شمالاً وجنوباً».
وأوضح البيان «كانت تلك الفجوة سبباً في نزوح أبناء الجنوب غير القانوني إلى الشمال بسبب تضاؤل فرص العيش الكريمة»، متسائلاً «وكم حصدت تلك المغامرة من أرواح بريئة، وذلك وصمة عار كبيرة على جبين الإنسانية».
وبين أنه «في ظل تقصير المؤسسات الدولية في القيام بواجبها الإنساني والأخلاقي المنسجم مع القانون الدولي للتغلب على المشكلات الإنسانية العميقة والمتفاقمة، اتفق المشاركون على أن واجب الفاعلين من المفكرين والسياسيين والاقتصاديين وأصحاب الضمير الحي ألا يقفوا عند حدود اللقاءات وتبادل الآراء فحسب، بل عليهم تجاوز هذا الدور واتخاذ مواقف صلبة تكشف بوضوح أمام الرأي العام العالمي وقادة الدول على حد سواء موقف الضمير الإنساني الحي مما تمر به البشرية من كبوات وعثرات تحول بين الإنسان وتطلعاته إلى حياة أفضل».