تحدث حزب «المبادرة» وهو حزب صغير أغلبية قاعدته من المنتمين في السابق إلى حزب التجمع المنحل عن إمكانية تفويض المنظمات الأربعة الراعية للحوار لترشيح شخصيَّة وطنيَّة لتولي منصب رئيس لحكومة الكفاءات المستقلة التي ستخلف حكومة الترويكا التي عبَّر رئيسها علي العريض عن تعهده بالرحيل منذ يوم 25 أكتوبر الماضي، كما تنص عليه خريطة الطريق التي يدور حولها الحوار الوطني.
ومن الواضح أن النيّة تتجه صوب تكليف الرباعي الراعي للحوار بالنيابة عن الفرقاء السياسيين جميعًا في ظلِّ اختلافهم وعدم استعداد قياداتهم للتوافق بشأن المسار الحكومي وترشيح أو تعيين خليفة للعريض، الذي لا يبدو على حكومته أيّ استعداد للاستقالة في القريب العاجل، حيث تنشط مختلف الوزارات من أجل وضع آليات تنفيذ ميزانية الدَّوْلة للعام المقبل حال مصادقة المجلس التأسيسي عليها.
وجاء تأكيد هذا الكلام من الجزائر حيث أعلن الشيخ راشد الغنوشي من هناك لدى حضوره مؤتمر حركة النهضة الجزائرية أنَّه لا استقالة لحكومة الترويكا إلا بالانتهاء من المسار التأسيسي وهو قرار قديم لم يشكك فيه الفاعلون السياسيون بالرغم من تطمينات النهضة الحاكمة بأنها راحلة لا محالة دون أن تحدد موعدًا مضبوطًا لذلك.
اليوم أصبح التونسيون يتحدَّثون عن إمكانية بقاء الحكومة الحالية إلى ما بعد نهاية العام الجاري وذلك بالاستناد إلى المواعيد التي ضبطتها خريطة الطريق التي توقف عدّها التنازلي يوم تَمَّ تعليق الحوار الوطني منذ أكثر من أسبوعين.
وفي ظلِّ فشل الحوار الوطني وعدم قدرة الرباعي الراعي له في إنعاشه ثانية وتعمق الخلاف بين الحكومة والمعارضة وبالنظر إلى عزوف التونسيين عن الخروج إلى الشارع تلبية لرغبة أحزاب المعارضة التي فشلت هي الأخرى في تحريكه من جديد بدليل أن العشرات فحسب استجابوا إلى دعوة الجبهة الشعبية للتظاهر الجمعة الماضي أمام قصر الحكومة بالعاصمة كما تضاءلت حظوظ تنفيذ بنود خريطة الطريق بالرغم من أن أغلب الأحزاب الفاعلة قد مرَّ عليها ثلاثة أسابيع دون أن تنجح في تفعيل خريطة الطريق.
وبعد أن كان الغموض يكتنف مشاورات الأحزاب السياسيَّة فيما بينها وبين الرباعي الراعي للحوار أضحى الحديث عن تعثر تام لمسيرة البلد ككل لا يتجزأ وحَلَّت الفرقة بين التيارات الفاعلة في المشهد السياسي المحلي بالرغم من الضغوطات الناعمة للدول لكبرى الحليفة على غرار فرنسا وأمريكا وألمانيا. وهي دول عبَّرت مرارًا عن انشغالها العميق بتعطل المسار الانتقالي في بلد الربيع العربي دون أن تبدي موقفًا منحازًا لطرف على آخر في الخريطة السياسيَّة الحالية.
وفي سياق متصل أشار بعض المحللين السياسيين إلى أن مؤشرات الاقتراب من السيناريو الذي يخشاه الجميع أضحت بارزة للعيان بعد أن اكتشف الشعب زيف الوعود وحقيقة المماطلات والمناورات التي تنسج هنا وهناك التي عادت بالوبال على البلاد في كافة المجالات السياسيَّة والأمنيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.
في غضون ذلك قال وزير أملاك الدَّوْلة والشؤون العقارية بأنَّه تمَّت مصادرة 521 عقارًا و616 شركة و188 سيارة وحوالي 250 مليارًا من الدولارات من أملاك عائلة الرئيس السابق بن علي وأصهاره فيما لايزال 150 ملفًا قيد الدرس لاستكمال عملية استرجاع العقارات محل المصادرة.