جاء جوازات.. جوازات أيجي يا صديق.. سكر قفل لمبه طفي.. خبي خبي يالله خبي.. وين يخبي يالله خبي.. جلدي جلدي فكر جلدي.
هذه كلمات عربية ممزوجة باللغة الأردية انتقيتها من مقطع اليوتيوب الرائع الذي انتجته قناة « خلي ولي شو «. قام بأدواره مجموعة من الشباب السعوديين بمشاركة بعض العمال الآسيويين. بعبارات بسيطة وسهلة ومشاهد تمثيلية معبرة استطاع هؤلاء الشباب ايصال فكرة حملة تصحيح أوضاع العمالة لأكثر من مليون متابع على اليوتيوب إضافة إلى الملايين على مواقع التواصل الأخرى.
أثبت المقطع الجميل وبمدة لم تصل لخمس دقائق أننا بحاجة لمثله وأكثر, ولسنا بحاجة للندوات والمحاضرات والمطويات والبرامج المملة كي نوصل أفكارنا للناس. كلام كثير طيلة السنوات الماضية و بما أننا لازلنا نستعرض المقطع الذي يحوي كلمات من اللغة الأردية فنقول « قرقر كثير» ومع هذا لم تستطع كل الدوائر أو معظمها رفع مستوى الوعي تجاه كثير من قضايانا الشائكة. يمسك المحاضر بالميكرفون لمدة تتجاوز الساعتين. يقول كلاما كثيرا حول ما يود طرحه يمكن ايجازه في عبارات معدودة تلقى في خمس دقائق وليس أكثر, لكنه يفحط يمينا وشمالا ويشرق ويغرب ويستطرد عشرات المرات حتى يصاب الحاضرون بالدوار ويفقدون التركيز ويضيعون الفكرة. محاضر يصدع الرؤوس ويجلب النعاس بأسلوب عفا عليه الزمن والمحصلة في النهاية صفر مكعب ولا زيادة في مستوى الوعي المتدني. مطويات تطبع بملايين الريالات وتوزع بالآلاف ومصيرها أخيرا رميها على قارعة الطريق فلا أحد إلا ما ندر لديه استعداد للقراءة وتقليب الأوراق.
بضع دقائق في مقطع «جاء جوازات» المثير والمدهش أوصلت رسالة الحملة بوضوح لمعظم الناس. أنا على يقين أن هناك من شاهد المقطع أكثر من مرة , وكل الأطفال يرددون كلمات الأغنية في كل لحظة حتى تحولت إلى وسم على شفاههم. السبب واضح في سرعة الانتشار , غرابة الكلمات بدمجها بلغة أخرى وسهولتها في نفس الوقت مع قوة الحبكة والدقة في الإخراج , وأميز ما في الإنتاج مراعاته لعامل الوقت القصير فلم تتأثر الرسالة وتأتي ناقصة في هذا الوقت المحدود بل إنها أتت متكاملة تصور حالة العمالة السائبة وهم يعيشون في بيئة التستر يأكلون ويشربون وينامون في تلك الغرفة الوضيعة تحت الأرض لم يحركهم ويقلق منامهم إلا صوت زميلهم وهو يصرخ « جاء جوازات « يوقظهم من سباتهم , ولأنهم بلا إقامات نظامية فقد أرهبهم جندي الجوازات فبادروا لإطفاء الأنوار ثم البحث عن مخبأ لكنهم لم يفلحوا فأينما ذهبوا وجدوا رجال الجوازات خلفهم يحيطون بهم من كل جانب فيستسلمون بعد يأس ما يعني أن الحملة المباركة ماضية في طريقها إلى آخر عامل غير نظامي, وأن المخالف أو المتستر مصيره مهما تخفى القبض عليه وتطبيق النظـــام بحقه.
لعل مقطع « جاء جوازات « بفكرته المبتكرة يوضح لمن في اذهانهم تشويش وهم قلة أهمية الحملة في تصحيح أوضاع العمالة وفي حماية اقتصاد البلاد والقضاء على التستر, وقطع دابر كل عمل دنيء كانت تقترفه تلك العمالة من فساد وسرقات وسيطرة مطلقة على السوق.
مقاطع قصيرة أنتجت بتقنية عالية خير وسيلة لإيصال رسائل الحملة المباركة لكل الناس بدلاً من إهدار الوقت في محاضرات ومطويات تستنزف الأموال ولا تحقق الأهداف.