ترى في كلِّ وزارة أو مؤسسة حكومية أو غير حكومية جيشاً من العمالة الوافدة، وأغلبهم يعملون في صيانة الأجهزة والمكيفات والكهرباء والمصاعد، وما إلى ذلك من أعمال الصيانة، وإنني أتعجب لماذا لا يقوم الشباب السعودي المدرّب من خريجي التعليم الفني والتدريب المهني بهذه الأعمال البسيطة، والذين سخّرت لهم الدولة الإمكانات المالية بالمليارات، من أجل توفير الأجهزة والمعدات من أجل التعليم والتدريب المهني على هذه الأجهزة، ونظمت لهم دورات تدريبية لمدة سنة أو أكثر من أجل العمل في القطاع الحكومي أو الأهلي على ما تخصصوا فيه.
ولعلنا نتساءل هل قيمة العقود التي تعمل بها تلك الشركات والمؤسسات التي تقوم بالصيانة، لا تسمح بتشغيل شباب سعوديين لقلة الرواتب الشهرية، حيث إنّ العامل السعودي لا يقاس بالعامل الأجنبي لظروفه المعيشية والأسرية من سكن وملبس ومركبة، ويحتاجون لرواتب كبيرة، ففي هذه الحالة يشترطون على تلك الشركات أن تعطي الشباب السعوديين رواتب لا تقل عن الثلاثة آلاف ريال، وذلك نظير رفع سقف التعاقد ليغطي تلك النفقات.
وربما يقول البعض إنّ لبس بذلة العمال لا يتناسب مع الشاب السعودي الذي يفتخر بلبس الثوب والغترة، وفي هذه الحالة نقول إن العمل شرف وواجب متى احتاج الوطن منا لبساً معيّناً علينا تلبية نداء الواجب، كالجندي الذي يلبس ملابس معيّنة تعينه على أداء وظيفته وخدمة نفسه وأسرته مادياً وتلبية الواجب الوطني.
وبينما يتلقّى خريجو التعليم الفني والتدريب المهني دورات في صيانة جميع تلك الأجهزة من مكيفات وأجهزة كهربائية ومصاعد، وما إلى ذلك من أعمال الصيانة، فإننا نجد أن كل الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، يسندون عمليات الصيانة الشاملة إلى عمالة أجنبية تعمل ضمن شركات الصيانة.
وربما يبدو من الضروري أن تشترط وزارة المالية أو وزارة العمل على تلك الشركات التي تعمل في مجال الصيانة، أن لا يقل راتب العامل السعودي عن ثلاثة آلاف، وفي المقابل يتم رفع نسبة ذلك في العقود المبرمة مع تلك الشركات.
وقد تطوّرت عملية التدريب في المملكة، بحيث أصبح هناك أخصائيون في أجهزة التكييف وأخصائيون في الأجهزة الكهربائية وأخصائيون في المصاعد وأخصائيون في الحاسب الآلي وبرمجته، وغير ذلك من الأخصائيين والفنيين الذين أغلبهم قد تخرّج من كليات التقنية، وهم الآن عاطلون بدون عمل كما تحدثوا في البرنامج التليفزيوني (الساعة الثامنة) الذي تبثه قناة (mbc).
ويحتاج الأمر منا إلى وقفة مع أنفسنا هل ستظل الأمور على ما هي عليه، وإلى متى نظل نعتمد على العامل الأجنبي وبيننا وبين أن نقوم بالصيانة بأنفسنا تلك البذلة الزرقاء، رغم أنّ شبابنا قد تعلم وتدرّب على كل تلك الأجهزة، وأصبح من الكفاءة بحيث يفوق العامل الأجنبي، بعد كل هذا التطور في التعليم الفني والتدريب المهني على مستوى المملكة.
وإذا كانت البذلة الزرقاء هي المشكلة، فمن الممكن استحداث زي معيّن يليق بالشباب السعودي ولا ينتقص من كرامته يتكوّن مثلاً من سترة وبنطال أو أيّ زي آخر يحفظ له مكانته بين العمال الآخرين.
كما يمكن تقسيم الصيانة على عدة شركات، فالنظافة تسند إلى شركات النظافة والصيانة، وتستند إلى شركات الصيانة يكون كل العاملين فيها من السعوديين، من صيانة المكينات والأجهزة الكهربائية وأجهزة التصوير والحاسب الآلي ... إلخ طبقاً للمواصفات والمقاييس الواردة في عقد المناقصة.