التنمية الشاملة والمستدامة في جميع المناطق وفي كل المرافق ليست خياراً لنا اليوم بل هي أضحت ضرورة ناجزة وحتمية قائمة أمام متخذي القرار وأهل الحل والعقد، والواجب وجوباً عينياً على مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة الحكومي منها والأهلي والخاص استشعار المسؤولية التنموية المباشرة، كما أن على كل فرد منا أن يكون فاعلاً بكفاءة ومهنية في سبيل ومن أجل المشاركة الحقيقية في تسريع العجلة وإيجاد الحراك الفاعل تحقيقاً لتنمية مستدامة يسعد فيها إنسان هذا الجزء من الوطن أو ذاك، ونضمن بها بعد عون الله وتوفيقه تحقق أمن بلادنا ونهضتها وتطورها واستقرارها وسعادة أهلها وقاطنيها والزائرين لها ومريديها، ولضمان النجاح في هذا المشروع الوطني الهام كان لزاماً أن يبنى على قاعدة صلبة متينة.
لقد جاء ميلاد الكراسي العلمية في جامعاتنا السعودية متأخراً كثيراً مقارنة بما هو في الغرب - وللأسف الشديد - بل ما زال حتى هذه اللحظة في رحم الغيب في عدد كبير من الجامعات ذات الباع الطويل في البحث العلمي الرصين، وإذا أردنا أن يكون لنا تنمية فاعلة وإيجابية فإنني أعتقد أن إسناد الدراسات المناطقية سواء الهندسية أو الاجتماعية أو الطبية أو الفكرية أو التقنية أو الزراعية للكليات والأقسام المختصة في هذه الكيانات العلمية التي يتجاوز دورها في عالمنا المعاصر تخريج الطلاب إلى القيام وبكل حرفية واقتدار بما استقرت عليه الأعراف الأكاديمية: التعليم، والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
إنني في الوقت الذي أسجل فيه بكل إعزاز وإكبار مبادرات ومسابقة أهل الخير والعطاء وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله ورعاهم وسدد على الخير خطاهم - ومن بعدهم عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء ورجال الأعمال وأصحاب الأموال في دعم وتمويل مشاريعنا البحثية المتخصصة والدقيقة، إنني في ذات الوقت أهيب بمن وسع الله عليهم في الرزق والثراء الإنفاق فيما من شأنه دعم العلم وتعزيز حركة البحث العلمي.
وفي ذات الوقت أؤكد على أهمية الوقف العلمي في ضمان استمرار حركة الدراسة والنشر في جامعاتنا السعودية، مع العلم أن كثيراً من الجامعات الغربية ذات الشهرة والصيت تعتمد وبشكل شبه كامل على التبرع الإرادي والوقف الخيري في مشاريعها البحثية!
إن التضافر والتكاتف والتعاون بيننا هذا بماله وذاك بجاهه والثالث بجهده والرابع بعقله والخامس بقلمه والسادس.. هو السبيل الأمثل للوصول إلى مستقبل وطني أفضل، وهو الطريق الصحيح لتعزيز وجودنا العالمي على خارطة العطاء الإنساني وفي ذات الوقت هو البوابة الأكثر فاعلية من أجل بناء صورة ذهنية إيجابية عنا نحن السعوديين لدى إنسان هذا القرن الذي يعيش معنا أينما كان وفي غرفة واحدة، يتأثر ويؤثر بنا شئنا ذلك أم أننا له رافضون.
وأختتم كلمتي بدعوة الجمع الكريم إلى بحث الأطر والسياقات المناسبة لتأسيس شكل من الأشكال التنظيمية تعنى بعمليات التواصل والتبادل والتعاون التي تدعم مسيرة كراسي البحث ودورها التنموي في عموم الوطن.