يلفتك روجيه إدة، السياسي والاقتصادي، في مواقفه العربية والدولية كما اللبنانية. تشعر بصراحة هذا الرجل وأنه لا يخشى أن يقول موقفه الذي يكون في العادة «متميزاً» ومختلفاً عن آراء الآخرين. له تاريخ من العلاقات العربية والدولية يجعله يحلل ويتوقع الآتي من التطورات.
منذ أن أعلنت المملكة العربية السعودية رفضها المقعد غير الدائم في مجلس الأمن وهو يحمل عنوان المطالبة بمقعد دائم للسعودية لتمثل العالمين العربي والإسلامي في المجلس. التقت «الجزيرة» رئيس حزب السلام اللبناني لتحاوره في هذا الموضوع وغيره من الشؤون العربية، فكان هذا اللقاء.
س- أستاذ روجيه، منذ أعلنت المملكة رفضها قبول المقعد في مجلس الأمن وأنتم تؤكدون أن من حق المملكة المطالبة بمقعد دائم لها مع حق النقض. لماذا؟
ج- أولاً، إن رفض المملكة المقعد تعبير صريح عن غضبها من تقصير مجلس الأمن في القيام بواجبه لحماية الشعب السوري من نظام يقمعه بقسوة رهيبة ويفتعل حرباً أهلية ليخيف النظام الدولي من الفوضى العارمة ممتنعاً عن التدخل لوقف المجازر والحرب المذهبية التي تهدد أمن العالم العربي والإسلامي والسلام العالمي.
س- اللافت أنكم تطالبون بمقعد دائم عربي مع حق النقض في مجلس الأمن؟ علام تبنون هذه المطالبة؟
ج- العالم العربي والإسلامي يشكل خمس الإنسانية وهو ذو قيمة جيواستراتيجية منقطعة النظير في النظام الدولي وذلك بالحاجات النفطية وبدونها. بالمقارنة، أوروبا من موسكو إلى باريس، لها ثلاثة أعضاء دائمين مع حق النقض في مجلس الأمن وهي تطالب بمقعد لألمانيا. واليابان والهند والبرازيل يطالب كل منهم بمقعد وكذلك إفريقيا الجنوبية ونيجيريا. أليس بديهياً أن تمثل الدول العربية الإسلامية «خادمة الحرمين» العالمين العربي والإسلامي أي المملكة العربية السعودية؟!
علماً أن قناعتي هي الاستغناء عن حق النقض والاحتفاظ فقط بالحق بالعضوية الدائمة مع توسيع إطار الأعضاء الدائمين لتناسب واقع النظام الدولي للقرن الواحد والعشرين. أنا أقترح إلغاء حق النقض للجميع واستبداله بأكثرية الثلثين.
س- بالعودة إلى الموضوع السوري في مجلس الأمن بالذات، ألا تعتبرون أن الفيتو الروسي والصيني وذكريات حرب العراق شكلت عذراً منطقياً لعدم التدخل الغربي؟
ج- صحيح شكلياً لكني مقتنع أن الرئيس الأميركي باراك أوباما رفض التدخل باكراً بالرغم من توصيات الطاقم الاستراتيجي (خارجية، دفاع، مخابرات واللجان المختصة في الكونغرس) وحجته كانت ولا تزال حق النقض الروسي. لكنه كان يصر على أن استعمال الكيميائي يبرر التدخل متجاوزاً مجلس الأمن. الحقيقة أن السلاح الكيميائي هو مطلب إسرائيل الوحيد في سوريا، مثلما النووي مطلبها الوحيد من إيران. فيما عدا هذين الهدفين، إسرائيل مرتاحة للحرب الأهلية الإسلامية، من الخليج إلى المتوسط على الأقل.
س- ماذا عن استفادة التطرف الجهادي من الحرب الأهلية لتحقيق أهداف فرط الدول وإقامة ما يريدونه «الدولة الإسلامية» أو الخلافة ونحوها؟
ج- إسرائيل لا تخشى مشاريع تلهي العالم المحيط بها عنها وتمكنها من المزيد من التوسع الاستيطاني ومن تبرير يهودية الدولة الصهيونية، التي هي قامت كما يدعون على أساس «العلمانية» لكنها أضحت الآن تطلب بدولة اليهود حصرياً.
أما سائر النظام العربي والدولي فيخشى أكثر ما يخشى الحروب الأهلية والتطرف المذهبي المناقض لسماحة الإسلام وانفتاحه الحضاري على الإنسانية جمعاء.
أما إيران الصفوية الحلم والتوسعية بتقاليدها العرقية الفارسية فهي المستفيد الأكبر من انهيار النظام العربي الإسلامي ومن صعود الجهادية العنفية لأنها تظن نفسها قادرة على توظيفها هدما في مشروعها الإمبراطوري.
س- ألا يدرك الأميركيون هذه المخاطر على الأمن القومي الأميركي والسلام الدولي؟
ج- المشكلة هي في عدم أهلية الرئيس أوباما استراتيجيا أو عدم اهتمام الرجل بدور أميركا الرائد عالمياً. لذا يتعين الاعتماد على أركان الكونغرس والقيادات الفكرية والمؤسساتية في النظام الأمني والاستراتيجي الأميركي والدولي.
س- لبنانياً، رئيس الجمهورية ميشال سليمان يزور المملكة للقاء قياداتها. كيف ترون هذه الزيارة، في ظل الثقل السعودي في المنطقة ودورها التاريخي في دعم لبنان؟
ج- الحقيقة، توقيت الزيارة حيوي لأمن ومصير لبنان لسببين: الأول مساعدة لبنان بشأن تحديات اللجوء السوري المرشح للزيادة ثلاثة أضعاف حين تعم الحرب الأهلية العاصمة السورية. ثانيا يتعين مساعدة لبنان على تأليف حكومة كفاءات ووساطة وطنية بين الفئات السياسية اللبنانية، لأن حرب سوريا الأهلية لها تحديات خطيرة جداً على لبنان.
س- ماذا عن وقف تورط حزب الله في سوريا والمنطقة؟
ج- حزب الله أداة معلنة للنظام الإيراني لذلك ضرورة الضغط دولياً حتى تكون إشكالية وقف تصدير الثورة أهم من الملف النووي وأسلحة الدمار الشامل في المفاوضات الدولية لتطبيع إيران من أجل التطبيع معها.
وإلا نكون كما في التعاطي مع ملف الكيماوي السوري ضحينا بالأهم الذي يعنينا عرباً ومسلمين من أجل المهم لإسرائيل لا غير.