عندما يؤكد - سماحة الإمام - السيد علي الأمين - قبل أيام - أن: « الإمام الحسين لا يريد اللافتات السوداء، وإنما يريد القلوب البيضاء .. لا يريد الإمام الحسين أكفاً تلطم الصدور، وإنما يريد أكفاً تتصافح، وقلوباً تتسامح، «فهذا تأكيد من إمام يمتلك القدرة على تأمل الحرائق الطائفية المشتعلة في المنطقة، التي أذكت نار الخلافات المذهبية، دون تذكر لنتائجها المؤلمة.
إذ ليس من العقل أن يستعدي الشيعة السنة، أو أن يستعدي السنة الشيعة.
- ولا شك - أن هذه الوحدة بين الطائفتين، هي التي يسعى إليها السيد الأمين، حين تستمع إلى صدى كلماته الراسخة من الحكمة الروحية، والشرعية، وتحذيره المستمر من التراشق بالألفاظ، والاقتتال بالسلاح، بخلاف منهج كثير من ذوي المقامات العالية في محيطها، التي لاذت بالصمت البارد، ولم تحرك ساكنا.
صدقت أيها السيد الأمين، فالإمام الحسين - رضي الله عنه - لا يريد أن يلغي الآخر، أو يفنيه إن لزم الأمر ذلك ؛ بسبب التأويلات الخاطئة، والناتجة عن سوء الفهم، أو ضعف الثقة، التي اتسمت بها العلاقة بين الطوائف، والمذاهب المختلفة، الأمر الذي ولّد التباسا في عدم وضوح الرؤية بين الأتباع، وأثارت الشكوك، وأخفت الحقائق عن الأعين.
إن ما يحدث -اليوم- من زرع بذور الفتنة، وتعميق الخلافات الطائفية، والإثنية في المجتمعات الإسلامية، هي صورة بغيضة، لا تبعث على الارتياح، بل تقلق الضمير الإسلامي، وتشكل تهديدا حقيقيا للمجتمعات الإسلامية؛ ولئلا تكون العواقب أكثر سوءا، فإن الوقت قد حان ؛ لتحذير النخبة السياسية من الوقوع في أخطاء طائفية، قد تؤدي إلى تقسيم المنطقة، وتشكل نتائجه الكارثية خطأ تاريخيا لا يغتفر، ولا يمكن تجاوزه.
كما أن الحمل ثقيل على المراجع الدينية في التخفيف من حالة الاحتقان، التي تهدد التعايش بين الطائفتين، وتثير قلقا يستشعره عقلاء الأمة على المدى البعيد، وذلك في إطار فقه المقاصد الشرعية، وقواعد الإسلام الكلية، التي لا يجوز الخروج عنها، أو تجاوزها .
إن العلاقات - السنية الشيعية - الجيدة، هي مفتاح الاستقرار - الإقليمي والعالمي - في المنطقة، ولن يتحقق ذلك إلا باحترام الوحدة من خلال التعددية سواء في المعتقدات الدينية، أو الآراء السياسية ؛ من أجل أن تكون أسلوبا مشتركا للحياة عند الناس، إضافة إلى ضرورة طي الصراع الدموي على أراضي العراق، وسورية، وغيرهما من دول العالم الإسلامي، والعربي، الذي أدى - مع الأسف - إلى إزهاق أرواح خلق كثير.