(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل الخير... ) الحديث* رواه مسلم (المؤمن القوي، قوي بإيمانه والإيمان اعتقاد وقول وعمل، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} (4) سورة الفتح، المؤمن القوي، يظهر عقيدته، ويدعو إليها، ويصبر على ما يلاقيه في سبيلها، لا يجبن ولا يضعف ولا يداهن، مهما كثر الباطل وأنصاره، ومهما أجلبوا بخيلهم ورجلهم، قوي بمنهجه على عقيدة أهل السنة والجماعة، يحذو حذو سلفنا الصالح، مهما تعددت الجماعات، وكثرت الهتافات، يتمسك بالسنة، وإن نكست راياتها، وقل أنصارها.
المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، المؤمن القوي الذي يتمسك بالسنن والآثار ويعمل بها، يحارب البدع والضلالات، المؤمن القوي لا ينساق وراء الدعوات المضللة، أو الأفكار الضالة مهما كثر المروجون لها، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ذلك الذي يتمسك بالفكرة الصحيحة، والرأي السديد، قوي في طرحه، واضح في عرضه قوي في عمله، جاد في تعامله مع زملائه، وجيرانه، في دعوته وتعليمه، المؤمن القوي، كثير الفعال، قليل الأقوال. المؤمن القوي، يظهر ما يبطنه، لا يعرف النفاق إليه سبيلا، لا ينافق ولا يداهن، واضح صريح، نقي، ما في قلبه على لسانه، لا يحابي في تحقيق أهدافه أحداً، لا يخاف جمهور الناس، ولا يخشى النقد، يقدم مرضاة الله على مرضاة الناس أو على مرضاة الآخرين لا يغره المدح، ولا يضره القيل والقال، لا يعير عقله لأحد، متمسك بالوحيين، مستقل برأيه متحرر بعقله، واثق بربه، لا يخشى الناس كخشية الله، المؤمن القوي لا يضعف أمام العقائد الفاسدة، ولا يضعف أمام تيارات مغرضة، لا يراوغ ولا يخادع ولا يكيد ولا يكذب. المؤمن القوي كثير الذكر والصلاة، علاقته بربه أقوى من علاقته بالناس، لا يسأل أحداً، ولا يستغيث بمخلوق، ولا يتعلق بمقبور، يسخر ممن يعبد العباد: {إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} (38) سورة هود. لا يرشي ولا يرتشي، لا ينم ولا يطلب مالاً إلا من حله. المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، يجمع مع هذه العقيدة وهذا القلب القوي، بدنا قويا، يربي بدنه، ويغذيه من أجل طاعة ربه، لا بغياً ولا عدواناً، يزاول الرياضة ويهتم بقوة بدنه وسمعه، وبصره {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} (60) سورة الأنفال، من الشخصيات المؤمنة القوية نبي الله موسى كليم الرحمن عليه السلام فإن موسى بني إسرائيل عليه السلام كان سبباً في إسقاط دولة الظلم، فرعون اللعين، ذلك أن موسى هرب إلى مدين، ثم استجمع نفسه، وهو الهارب المطلوب للمحاكمة، رجع بعد ذلك إلى فرعون ودعاه إلى توحيد الله وإلى الإيمان به، فأبى فرعون، فكان هلاك فرعون على يدي موسى. يوسف عليه السلام كان هو المؤمن القوي، لما لم يتخل عن عقيدته، ثبت أمام المغريات، وأمام فتنة النساء وصبر في السجن سنين عدداً، فكان هو القوي بإيمانه فلم يغره جماله أونضارة بدنه، ثم حول أرض مصر من قيد الوثنية والجاهلية إلى إيمان وتوحيد، وأولئك أصحاب الكهف الفتية على أنهم شبان صغار، استطاعوا بإيمانهم وقوة يقينهم أن يجابهوا الظلم والكفر والطغيان، وذاك أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله، لما منع من منع الزكاة، كانت له اليد الطولى، بل الموقف المحمود، عندما تردد الصحابة في قتال مانعي الزكاة، فقال قولته المشهورة، والله لو منعوني عقالاً، وفي رواية عناقاً لقاتلتهم عليه، فشرح الله صدور الصحابة، وفي رواية أنه ضرب على صدر عمر بن الخطاب، فقال علام تتردد يا ابن الخطاب أجبار في الجاهلية خوارٌ في الإسلام والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم عليه، وهذا عمر أيضاً، العادل في رعيته، كان هو المؤمن القوي لأنه كان واضحاً، صريحاً، نقياً، فلم يخش الفرس، أو يضعف أمام الروم، بل كان سقوط الدولة الفارسية على يديه رضي الله عنه وأرضاه، فلم يداهن أو يجبن أو يضعف، وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت قوته في عدم التنازل، والتنحي عن ولاية أمر هذه الأمة، أرادوه على أن يخلع نفسه أو أن يسقطوه فأبى، وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه, كان له الموقف المشهود، في محاربة الخوارج مع أنهم أهل صلاة وذكر وصيام، وهذا أحمد بن حنبل رحمه الله موقفه المشهور مع الخليفة المأمون حتى سجنه وعذبه فلم يضعف أحمد أو يستكين، ولذا نقل عن علي بن المديني أنه قال: (أعز الله الإسلام برجلين أبو بكر يوم الردة وأحمد بن حنبل يوم المحنة).
وينبغي لنا أن نربي أنفسنا على أن نكون أهل وضوح وصفاء، وأن نتمسك بعقيدتنا، وأن ندعو إليها، وأن نصبر على ما نلاقيه في سبيلها، وأن نربي أولادنا على ذلك، فلا نضعف أمام أي شبهة، ولا ننجرف وراء كل شهوة، ونربي أنفسنا وأولادنا على هذه القوة ونستمدها من القوي سبحانه بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن، ونغذيها بالطاعات كما يجب أن نربي أنفسنا وأولادنا ومجتمعنا على قوة أبداننا بالغذاء السليم، والطعام الزكي، وأن نحارب الوجبات السريعة والمشروبات الغازية...إلخ، ونزاول الرياضة حقيقة وننزل الميدان لا أن يكتفي شبابنا بمتابعة الرياضة فقط!! ونترك السهر وكثرة المزاح والضحك والسخرية، وأن نكون جادين في معظم أوقاتنا، ذكر أنه كان في تاريخ أمريكا، أنهم يفرقون بين السود والبيض، وكان القانون أن للبيض حقا في أن يتقدموا في كل ما يطلبونه وأن يقدموا على السود، وكانوا قد اجتمعوا في مقاعد، ومن نظامهم أن الأبيض يجلس حيث يريد، فرفضت امرأة سوداء أن تقوم عن مقعدها لرجل أبيض، وأصرت على ذلك، فبعدها أنشأت أمريكا بما يسمى حقوق الإنسان، وحصل المساواة بين السود والبيض، وها نحن نشاهد في أمريكا كيف يصل السود إلى سدة الحكم ويقود أمريكا رجل من أصل أفريقي، فنحن أمة مسلمة أحق بي مثل هذه القوة، وبمثل هذه الجرأة في الحق.
وإلى اللقاء.....