سعدتُ بحضور الحفل السنوي لتكريم الوفود الإعلامية والثقافية المشاركة في موسم حج هذا العام، الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام. وفي الكلمة التي ألقاها معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة أكد معاليه نهج المملكة في أن الحج وشعائره فيها الكثير من الدروس والعِبر، ويستشعر منه الجميع شرف الرسالة الإعلامية أن يكون الإعلام بانياً للأفراد والأمم، ويصنع معالم لأمة عظيمة متمسكة بثوابتها، تؤمن بالحوار، وتدعو للسلام.
كان بجواري أحد الضيوف الإعلاميين العرب، الذي أشاد بكلمة معالي الوزير وكلمات الوفود من القارات الأربع التي أُلقيت في الحفل. طبيعي أن دار الحديث عن مناسك الحج هذا العام، وتحدث بإعجاب كبير بنجاح الحج، وقال: كان مهرجاناً كبيراً وعرساً جميلاً باهراً، اتسم بدقة التنظيم والمعاملة الحسنة، بما توفره المملكة من خدمات على المستويات كافة لراحة الحجاج. كانت الأيام تتسارع بنا ونحن نتقلب في أحضان الحرمين والمشاعر. وبوصفي إعلامياً أبحث عن المعلومة، فقد أوقفتني مشاهد إنسانية لا تُنسى، ولم أر مثلها في الدول التي تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، بتوفير المملكة الخدمات المجانية لجميع فئات الحجاج، كرعاية واهتمام عدد من المطوفين بحاجّة واحدة، تزن 268 كجم، كانوا ينقلونها من مكة المكرمة إلى المشاعر المقدسة؛ لتؤدي الفريضة في يسر وأمان، كما أجرت وزارة الصحة السعودية عدداً من عمليات القلب المفتوح وحالات الولادة الطبيعية في المشاعر، وهؤلاء كأنهم أتوا للمملكة لإجراء العمليات الجراحية والولادة، وليس لأداء فريضة الحج.
وأضاف بأنه قبل أن يحضر للحج كان لديه تحفُّظ وعدم رضا عن طلب المملكة خفض أعداد الحجاج القادمين من الدول الإسلامية بنحو 20 %، لكنه - حسب قوله - بعد أن شاهد الكمّ الهائل من المشروعات لتوسعة الحرم المكي والطواف أدرك أهمية القرار؛ ليتمكّن الحجاج من أداء المناسك في أمان وخشوع وسكينة. واقترح أن تقام ندوات في عدد من الدول الإسلامية للتعريف بالتوسعة الضخمة التي يشهدها الحرم المكي؛ إذ سبق لوزارة الحج أن نظمت قبل سنوات عدة ندوة في ماليزيا للتعريف بمناسك الحج وضرورة تنظيم الدول حملات الحج أسوة بما كانت تقوم به ماليزيا من تنظيم لحجاجهم كل عام، وقامت بإيجاد أوقاف لتغطي التكاليف.
أخبرتُ الضيف الكريم بأن المملكة للسبب نفسه قامت كذلك بخفض أعداد السعوديين والمقيمين الذين صُرِّح لهم بالحج هذا العام إلى أكثر من النصف، وأن هذا النجاح كان من توفيق الله - عز وجل - ثم استشعارًا لشرف المسؤولية في خدمة الحجاج لدى الجميع، مواطنين ومسؤولين، وكأنهم انصهروا في بوتقة واحدة. وكما لاحظتُهم هذا العام، كان العمل جماعيًا، وفي تنسيق تام بين الإدارات، واستُبدلَتْ «أنا» بـ»نحن»، وهذا شيء جميل.
أثناء الحديث لاحظت أن الضيف يحمل معه مجلة «لبيك» التي تصدرها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة. ذكر الضيف أن نجاح الحج على أرض الواقع واكبه نجاح إعلامي بإصدار مجلة قيّمة شاملة ومفيدة خلال موسم الحج، وهذا العدد الثاني عشر، بمعنى أنني لم أطلع على الأحد عشر عدداً السابقة منها.
فقد أبرزت «لبيك» الأعمال الجبارة والمشروعات المختلفة والخدمات المتعددة التي تقوم بها حكومة المملكة العربية السعودية، مستعرضة بأسلوب راقٍ مجموعة من الحوارات والتقارير والتحقيقات والاستطلاعات المدعمة بالصّور والأرقام. كما نوّهت المجلة بضيوف الملك البالغ عددهم 1400 مسلم من مختلف دول العالم، وأُعجبت بالملف الرئيسي الذي أجاب بكل وضوح وشفافية عما كان يلوح في خاطري وكثير من المسلمين، وذكرته لك في بداية حديثي معك، حول تخفيض أعداد الحجاج بسبب توسعة الحرم المكي والمطاف، وأصبح الآن لدي قناعة - ولله الحمد - بما ذكره المفتون والعلماء والدعاة والمسؤولون عن المؤسسات الإسلامية في مختلف دول العالم بأن التخفيض فعلاً فيه مصلحة للمسلمين وتيسير على الحجاج.
وكان مسْكُ الختام في تصفّحي المجلة التي ازّينت بحلة جميلة ومقال رائع لرئيس التحرير، بعنوان «الحج بين الإفراط والتفريط»، وشعرتُ بصدق كتابته وخبرة معايشته وتحليله، ونحن كذلك مبتلون بالصف الثاني الذي أشار إليه. فجزى الله حكومة وشعب المملكة خير الجزاء على ما يقدمونه كل عام للرقي بأعمال الحج، والشكر لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ولوزيرها المشرف على المجلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ورئيس التحرير الأستاذ سلمان بن محمد العمري. بارك الله فيهم وفي جهودهم الخيّرة.
ولم يوقِف حديثي مع الضيف إلا صوت مذيع الحفل يعلن ختام البرنامج؛ فاستأذن للسلام على معالي الوزير، وقبل مغادرته شكرتُه على مشاعره وحسن تقديره واقتناعه بالأسباب التي دعت المملكة إلى تخفيض أعداد الحجاج هذا العام، وإشادته بنجاح الحج، وتقديره للمسؤولين العاملين في خدمة الحجاج، ووعدتُه بأن أنقل إن شاء الله اقتراحه ومشاعره الصادقة للمسؤولين، كما سأنقل اهتمامه وإعجابه بمجلة «لبيك» ودور وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من خلال إصداراتها العلمية والإعلامية المتميزة كل عام، التي تثري مثل هذه المناسبات المباركة. وبالله التوفيق.