أبكتني الفجيعة المؤلمة.. وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أم عبدالرحمن لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا -عز وجل- (إنا لله وإنا إليه راجعون) وجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لك.
بقلب مؤمن بقضاء الله وقدره، نتقبل نبأ وفاتك الذي تلقيناه فجر يوم الأربعاء 18-12-1434هـ؛ ونحمد الله -سبحانه وتعالى- أن قبض روحك وأنت مؤمنة بقضاء الله وقدره، صابرة محتسبة على ما حل بك من داء مزمن وما صحبه من ألم عضال طوال الفترة الماضية، بعد فقدك لحبيب القلب وقرة العين الابن البار أبا مرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن سليمان المطرودي -تغمدكما الله بواسع رحمته- ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أنك كنت على صلة دائمة بالمولى -عز وجل- بين كثرة سجود وقيام ليل ودعاء وخوف ورجاء، وحب للقريب والبعيد، غير حاملة في صدرك على أحد، دائمة السؤال عنهم وإن قطعوا، تذكرين الجميع بالخير وتلتمسين لهم الأعذار متى غابوا.
خرجت من هذه الدنيا بالحب للجميع؛ فأحسن الله العزاء وجبر المصاب وعظم الله أجرنا فيك يا أم عبدالرحمن، مصابك جلل علينا جميعاً؛ أبناء وأحفادا وأهلا وأقرباء ومحبين وأصدقاء.
عشت أيام الحياة صابرة حامدة شاكرة لله-سبحانه وتعالى- رغم قسوتها وصدماتها، لثقتك الكاملة بالله -عز وجل- بأن ما يصيبك فيه خير ورفعة في الدنيا والآخرة.
والدتنا.. ما نقوله وما نذكره وما نسجله ماهو إلا وفاء لك وحق من حقوقك علينا، ومواساة لنا بفقد أحضان دافئة تربينا تحت أجنحتها، وقلب كبير زرع فينا الحب والخير والتسامح والهمة العالية؛ هذا ما عرفناه عنك وما عشناه واقعاً ملموساً من تعامل أبنائك وأحفادك.
اللهم اجبر قلوبنا في مصابها، فلا يجبر القلوب إلا أنت -سبحانك- وإلا كيف يصبر قلب مكلوم قلبا آخر مكلوما، فلا يملأ الفراغ الذي في القلوب إلا ذكر الله سبحانه واللجوء إليه في الشدة كما في الرخاء.
دموع الحزن تنسكب من العيون على الخدود لتحفر لها مكاناً شاهداً على الحزن المنتثر هنا ليسقى به كل بذور الفقد فينا؛ إلا أن العزاء يفتح لنا أبواب الاحتساب على المصاب لننتهي على عتبات الصبر التي بها نخنق العبرات ولوعة جرح الفراق ومصابه الجلل.
فكم تتعانق كلمات ومفردات الحزن والألم في موقف فقد وفراق الأحبة، لتلتقي معها المشاعر وتحتضنها بالدموع المنسكبة على من رحل، لتبتسم القلوب لهم بالدعاء الصادق بالرحمة والمغفرة.
الحمد لله على قضائه.
قدر الله كان، وليس لنا الآن إلا الدعاء بعد الإيمان بالقضاء والصبر والاحتساب والتوكل على الدائم -سبحانه وتعالى-.
اللهم يا مالك الملك يا عظيما يا كريما يا رحيما؛ ارحم والدتنا «لولوة الفعيم» برحمة واسعة وأسكنها فسيح جنانك، وارفع درجاتها في المهديين، وأكرم نزلها وأعل نزلها في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء، وارزقنا الصبر والرضا والسلوان، وعوضنا في مصيبتنا لقياها والغالي عبدالرحمن في جناتك يا أرحم الراحمين.