منذ إدراك القاع للأسواق المالية في مارس 2009 والرالي مستمر في البورصات العالمية، حيث تحرص الشركات على إرضاء مساهميها من خلال التوزيعات النقدية أو من خلال إعادة شراء أسهمها ولكن أداء الاقتصاد كان في واد وأداء البورصات في واد اّخر. فبينما كان نمو الاقتصاد يعاني ويسجل نسبا قريبة من الصفر في منطقة اليورو وأخبار سيئة من المنطقة مع دول جنوب أوروبا التي طلبت عدة مرات مساعدات مثل اليونان وإسبانيا وقبرص وفي مرحلة سابقة البرتغال وأيرلندا وأرباح الشركات ابتلعتها مسألة خفض التكاليف وميزانيات الشركات تضخمت وفي المقابل البورصات والأسواق المالية كانت تتعملق وتسجل ارتفاعات وصلت إلى أكثر من 160%. وفي السنوات الأخيرة ظهرت المعادلة التي تربط الاقتصاد والبورصات: ما كان سيئاً للاقتصاد يكون جيداً للشركات. والأخبار السيئة هي اخبار جيدة للأسواق المالية على أساس أنه عند الأخبار السيئة لن يكون على الأقل تقليص لبرنامج التيسير الكمي وبالتالي ضخ الأموال والسيولة في الأسواق يستمر مما يؤدي إلى المزيد من الارتفاع في الأسواق طبعاً.
ومن ناحية أخرى الأخبار الجيدة للأسواق هي بطبيعة الحال أخبار جيدة للبورصات إذا في الحالتين الأخبار هي جيدة بالنسبة للأسواق المالية.. مع هذا الوضع المستجد المتداولون لا يتذكرون فترة كان سلوك البورصات مثل الوقت الحالي إن كان أثناء فترة فقاعة الإنترنت أواخر التسعينيات أو مرحلة ما قبل اندلاع أزمة الرهن العقاري والأزمة العالمية. وشهد الشهر الحالي دخول سيولة كبيرة في مجال صناديق المؤشرات المتبادلة ETF وحسب آخر البيانات كانت بحدود 43.5 مليار دولار وبذلك يكون للشهر الثالث على التوالي يسجل أعلى مستوى له والشركات تستمر إعادة شراء أسهمها ورغم أن الربع الثالث كان الأقل هذه السنة عند 168.9 مليار دولار بعدما قلصت مشترياتها في شهري يوليو وأغسطس ثم عادت وسجلت حوالي 68 مليار دولار مشتريات لاسهمها في شهر سبتمبر.. وكان الملياردير «كارل إيكان» الذي تقدر ثروته بأكثر من 20 مليار دولار طلب الأسبوع الماضي من شركة «أبل» أن تبدأ عرضاً فورياً لإعادة شراء أسهمها بقيمة 150 مليار دولار من خلال خطاب أرسله للرئيس التنفيذي «تيم كوك». يذكر أن مشتريات «أبل» منذ بداية السنة هي بحدود 16 مليار دولار ضمن برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة 60 مليار دولار وأيضاً كان الملفت أن شركة التأمين Aon أيضاً فاجأت الأسواق بمبلغ 500 مليون $ وكانت الشركات حققت عائداً يصل إلى 13.6 % سنوياً في الأعوام الـ 13 الأخيرة وبزيادة حوالي 36% في السنة الحالية.
وحسب محللين من جامعة ماساشوسيتس أنه انفقت الشركات حوالي 3.5 تريليونات دولار على عمليات أعادة الشراء في تلك الفترة. وفي المقابل في ذلك الشهر كان الاقتصاد مع مسألة توقف الحكومة عن بعض أعمالها بالإضافة إلى معضلة رفع سقف الدين يسجل سوق العمل إضافة 148 ألف وظيفة وأتى الرقم مخيباً ودون توقعات المحللين كل ذلك المعطيات دفعت مؤشر ستاندر أند بورز 500 إلى الارتفاع بحوالي 21% منذ بداية السنة رغم أن نمو الاقتصاد ما زال باهتاً وبداية وجود بعض الضعف في الأرقام التي تخص المنازل.