تختتم الجزيرة قضيتها التي طرقتها وناقشتها مع عدد من الزملاء ألا وهي قضية «البرامج الرياضية», واليوم نتجه لأصحاب الحل والعقد في بعض القنوات, حيث نستضيف الدكتور محمد باريان مدير عام القنوات الرياضية السعودية والأستاذ تركي الخليوي مدير قناة لاين سبورت.
البداية كانت مع الدكتور محمد باريان مدير عام القنوات الرياضية السعودية والذي أعاد تميز البرامج الرياضية سواء في القنوات الرياضية السعودية أو القنوات الرياضية التجارية إلى تميز المعدين والمراسلين, وقال: «لا بد أن نتحدث عن الإمكانيات المتوفرة لكل جهة سواء لقناة حكومية أو خاصة, والإمكانيات تكون من خلال توفير معدين متميزين ومراسلين ميدانيين متميزين, والإمكانيات تكون من خلال المبالغ التي تصرف لهؤلاء حتى يعطوا أكثر, والإمكانيات تكون من خلال سقف الحرية التي تعطى لهم».
واعتبر باريان أن البرامج الرياضية التي تبث من خلال قنواته «جيدة», وقال: «البرامج الرياضية في القنوات الرياضية السعودية ليست متميزة ولكن بالإمكان أن نقول إنها جيدة وذلك حسب الإمكانيات المتوفرة لدينا».
وأوضح باريان أن هناك فرقاً بين القنوات الرياضية السعودية التي يديرها وبين البرامج الرياضية في القنوات الأخرى, وقال: «في القنوات الأخرى هناك برامج تبث لمدة ساعة فقط, بينما لو أردنا الحديث عن القنوات الرياضية السعودية فهي تعمل على مدار الساعة, وهنا يكون الفرق, فالبرامج التي تبث ساعة فقط يكون فيها التركيز عالياً والعطاء يكون أكثر دقة وشمولية».
وعن الانتقادات التي واجهت البرامج الرياضية من خلال ما تم طرحه في (الجزيرة), قال: «أنا قرأت التحقيق والإخوان كانوا يتحدثون عن القنوات الرياضية بشكل عام ولم يخصونا». وأضاف: «قد تكون القنوات الرياضية السعودية في السابق تبحث عن الإثارة, ولكن هناك فرق بين الإثارة والبثارة, فالإثارة الإيجابية مطلوبة وتعتبر فاكهة وثوابت لأي برنامج سواء كان رياضياً أو ثقافياً, ولكن حينما تنقطع الشعرة التي بين الإثارة والبثارة يكون الخط عكسياً، وقد ينتج عنه إساءة للآخرين سواء لمنشأة أو لفرد أو مجموعة, وهذا لا اعتبره عملاً إعلامياً, وحينما تصل الأمور للإساءة فهذا غير مقبول».
وأشار باريان إلى أنهم حدوا من ظاهرة الإساءة في البرامج التي تبث من خلال القنوات الرياضية السعودية, وقال: «قد تخرج كلمة من ضيف أو من خلال تقرير لمعد وتفسر بأنها إساءة, ولكن نحن حدينا من هذه الأمور بشكل كبير, وذلك بتوجيه المعدين والمراسلين بتقديم معلومة تفيد المتلقي».
وحول المعايير التي يتم استقطاب الضيوف على أساسها, أجاب: «أنا لا أتخلى في عمل مساعد مدير القنوات للشؤون البرامجية الذي كان في السابق بدر الفرهود ولاحقا حسين الشمري, وهم من يختارون الضيوف وفق معاييرهم التي يرونها من خلال البرنامج, ولكن أنا لاحظت بأن هناك ضيوفاً «يكررون», وتتم استضافتهم عدة مرات».
وتابع: «معايير استقطاب الضيوف للبرامج الرياضية في القنوات الرياضية أتمنى أن تكون وفق الأسس التي تعاونت معهم فيها, بمعنى أن يستضاف الضيف لتحقيق أهداف الحلقة».
وعن الانتقادات التي تواجههم باستقطاب ضيوف يعتبرون أقرب للتعصب, قال: «لم يمض على تواجدي في المجال الرياضي إلا شهور, وقد يكون هناك لغة لا أفهمها من خلال حواراتهم, وما أود قوله هو استحالة استقطاب ضيف في القنوات الرياضية السعودية وفي ذهنه أنه «يتعصب», فالتعصب مرفوض نهائيا».
وزاد: «حينما استلمت القنوات الرياضية السعودية كمدير عام لها أرسلت خطاباً لكل الصحف الورقية والإلكترونية ولكل الأندية لاستضافة الجميع, فنحن نبحث عن أطروحات تفيد ولا نبحث عن مشاكل».
وشدد باريان على أن البرامج الرياضية في قنواته بعيدة كل البعد عن الإثارة المبتذلة, وقال إنها مرفوضة تماماً.
وعرج باريان على سوء الإعداد في البرامج الرياضية, حيث قال: «مشكلة الإعداد ليست في التلفزيون السعودي فقط بل هي مشكلة كل العالم العربي, فالإعداد موهبة وفن بالإضافة إلى دراسته, ولكن نحن نمتلك من أربعة إلى خمسة معدين جيدين ولكن البقية ليسوا في المستوى بشكل كبير».
ووافق باريان من انتقد البرامج الرياضية في افتقادها للمعلومة والتحليل الفني, حيث قال:»صحيح, ولكن حينما تتوفر لدينا آلية معدين جيدين ومتمكنين بشكل قوي ستحل المشكلة, وأتمنى أن تساعدنا خبرة حسين الشمري في حل بعض المشاكل وإيجاد كوادر مؤهلة».
وتحدث مدير عام القنوات الرياضية السعودية عن إشكالية عدم استقطاب ضيوف من خارج مدينتي جدة والرياض, وقال: «في المرحلة القادمة سنقضي على تلك الإشكالية بإذن الله».
وحول غياب الاستراتيجية الواضحة للقنوات الرياضية السعودية مثل مكافأة المحسن ومعاقبة المسيء, قال: «لا بد أن يكون هناك ثواب وعقاب وإلا لصارت الأمور فوضى, ولكن أنا دائما أحاول أن لا أعاقب بقدر ما أرشد وأوجه، خاصة وأنني أتعامل مع زملاء بعضهم صغار في السن, ونحن لم نتواجد إلا لنبني والبناء يكون من خلال الإرشاد والتوجيه ومحاولة معالجة الخطأ بالتنبيه, وإن لم ينفع التنبيه فسوف نستخدم العقاب».
تركي الخليوي
من جهته قال الأستاذ تركي الخليوي مدير قناة لاين سبورت: «كثير هو الكلام الذي قيل وسيقال عن البرامج الرياضية ، وليس الأمر جديداً ، فالحديث دائماً ما تحكمه الميول، وبالتالي تجد كل متحدث عن البرامج الرياضية عندما تطلب منه أن يمثل لك قال فلان وفلان وفلان ممن يخالفونه الميول وهذا ما يؤكد أن الميول في الغالب الأعم هو ما يتحكم في رؤيتنا للأشياء».
وأضاف:» أتفق مع كل من تحدث من الزملاء الإعلاميين بأن هناك الغث والسمين في البرامج وفي قليل من ضيوف تلك البرامج وفي بعض مقدميها، لكن هذا هو الحال في الرياضة وغيرها من البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومادامت مؤسساتنا الإعلامية بكافة فروعها تفتقر للتدريب المتواصل والقدوة والدورات فسنظل هكذا، وما أختلف فيه مع بعض الزملاء أنهم ينتقدون وبقسوة البرامج الرياضية ، وهم في صحفهم وكتاباتهم يقومون بنفس الفعل، فإن كتب تجد في كتاباته ريح الميول والإسقاط على النادي الآخر، كما تجد في ثنايا كتاب الزوايا ما يندى له الجبين، وأوردت هذا لتبيان أنها ثقافة مجتمع رياضي ترسخت تراكمياً، من هنا نقول إن البرامج الرياضية ومثلها وسائل الإعلام الأخرى هي نتاج ثقافة المجتمع وانعكاس له شئنا أم أبينا، كما يجب أن نفرق بين أهداف القنوات والصحف واختلافها باختلاف مرجعيتها، فإذا سلمنا بأن يكون أحد أهدافها المساهمة في بناء وتوعية المجتمع وعدم خدش حيائه إلا أن الأهداف الأخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بعيداً عن طلب المثالية، وإننا مجتمع لنا خصوصيتنا وإلى آخره التي ننشدها ولا نعمل بها».
وتابع الخليوي:» لو أردنا الإنصاف فمشاهدي البرامج الرياضية ومتابعيها بشغف هم من فئة الشباب والجيل الذي يسبقهم قليلاً وكثير منهم متعصب ويحكمه الميول، فلك أن تحسب كم النسبة التي تشكلها هاتان الشريحتان، والقناة أو الصحيفة كذلك هي مؤسسة ربحية وليست مصلحاً اجتماعياً أو مراقباً لأحوال المجتمع فهذه تضطلع بها مؤسسات كثر في الدولة وفي القطاع الخاص من هؤلاء المطلوب منهم المساهمة في الخدمة الاجتماعية وما الإعلام إلا (عودٍ من عرض حزمة ) فما بالكم تحملونه المسؤولية كاملة بمثل هذه الآراء الحدّية، من هنا سأتحدث بشفافية مطلقة فلو حُصرت البرامج الرياضية على المثاليين والمجاملين لما استطاعت جذب المشاهد، والذي هو سبب رئيس في جذب الرعاة والمعلنين، وهو أي المشاهد من يُسبغ صفة النجاح على هذا البرنامج أو ذاك، ولست أنادي بخلو الساحة من البرامج النخبوية، فأنا مع هذا الاتجاه في جزء من عطاء هذه المؤسسة أو تلك».
وأشار الخليوي أن ضيوف البرامج المتواجدين في الساحة يدورون في فلك الميول حتى لو أظهر بعضهم نوعاً من العقلانية في الطرح وكماً من العقلانية في الرأي والرؤية مادام الحوار لم يمس ناديه من مقابله الذي يميل لنادٍ آخر، وقد حاولنا استقطاب أكاديميين لبعض البرامج ولكنهم يعتذرون لأسبابٍ عدة إما لأنهم غير متابعين أو لأنهم يخشون الخروج على الشاشة ( وقد ) يكون في اعتذارهم شيء من الفوقية وإن خرجوا فسيكون طرحهم مثالياً لا يمكن تطبيقه ولا يعجب المتلقي حتى وإن كان جميلاً، وبالتالي تجد المشاهد يتذمر».
وشدد الخليوي على أن بعض الأكاديميين يتابعون البرامج بلهفة, حيث قال: «ماذا لو قلت لكم إن هناك أكاديميين يتابعون باهتمام بعض هذه البرامج, وقد جمعتني بعديد منهم مجالس باحوا بمثل هذا ، كما نقيس ذلك من خلال ردود الأفعال ، فأنا مثلا كقناة استثمارية عندما أقوم بتسويق البرنامج فإنهم يطالبون بعدد المشاهدين ومدى تفاعلهم وضيوف البرنامج ومدى تأثيرهم على المشاهد والقارىء، وكذا المقدم ومدى شعبيته وديناميكيته وقدرته على الإثارة وذلك من قِبَل الراعي والمعلن».
وختم الخليوي قائلا:» لعلي أخيرا أقول إن الخروج عن المعقول بلفظ أو تفسير أو ردة فعل إنما يتحملها الضيف وليس القناة خاصة وأن القناة بمقدمها لا تستطيع كبح جماح كلمة خرجت كالسهم من فم الضيف ، لكن يجب عليها أن تطلب منه الاعتذار ودائما ما يستجيبون مشكورين، وهذا ما حدث في كثير من البرامج ، الغير مقبول في هذا السياق أن تتبنى القناة أو البرنامج أسلوباً مستفزاً أو ميولاً لنادٍ دون آخر، أو تستمرئ هذه التجاوزات دون أن يكون لإدارة القناة دور في ايقافه أو تهذيبه، أو يترك للمقدم أو فريق الإعداد اللعب في نهج البرنامج ومحتواه أو ترك الحرية لهم بجلب ضيوف محددين أو السماح لمداخلات كل من هب ودب ، لكن أين الصحف الورقية عن مثل هذا وهي تستطيع أن تمنع قبل الطبع أي كلمة أو عبارة مسيئة لشخص أو مؤسسة ، ومع ذلك نراهم مستمرين في هذا النهج، وفي ذات الوقت مستمرون في نقد البرامج الرياضية, ووصفها بأنها سيئة ومتعصبة و المضحك أن كثيرا من هؤلاء يخرج في البرامج الرياضية وفي كل قناة ، فكيف يسمح لنفسه بوصف البرامج الرياضية بهذه الأوصاف ويخرج فيها، وفي المسألة أخذٌ ورد ومتى ما استطعنا التخلص من الهوى والميول فهنا أول الخطوات الى إعلام ناجح، كما أرى أن غياب الرقابة والمتابعة على العاملين بالقنوات وبعض مسؤوليها وترك الحرية لهم باستقطاب من يوافقهم الميول وهذا بلا شك يُحدث خللاً واضحاً في توجه البرامج والقناة ككل، والأخطر أن يُعطى مقدم البرنامج الرياضي الحرية الكاملة بطرح ما يريد واستضافة من يريد ومن يحقق أجندته، مع أن هذا يفترض أن يكون مسؤولية القناة كإدارة وإشراف، فهل هؤلاء يقومون بذلك ودون ألوان، وهذا يسري على بعض الصحف الورقية أيضاً حتى نكون منصفين».