تعد اللغة أبرز مظهر في سلوك الأمة، ومسؤولية الحفاظ عليها مسؤولية عامة تتحملها المؤسسات التعليمية والأفراد، وبين الحين والآخر ترتفع بعض الأصوات تجأر بالشكوى من صعوبة مناهج اللغة العربية وضعف مستوى الطلاب فيها، ولقد نشأت ظاهرة الضعف اللغوي في عصر مبكر من تاريخ اللغة العربية وآدابها، وتحتفظ كتب التراث بين طياتها مجموعة من الروايات التي تدل على ظاهرة الضعف اللغوي قديماً وخصوصاً بعد أن اختلط العرب بالأعاجم وجرى من خلال الاختلاط محاولات هدم اللغة العربية وقواعدها والاجتراء عليها، وظهرت محاولات عديدة وكتب كثيرة حول لحن العامة ومواضع الخلل، ووضعت كتب أخرى في إصلاح النحو، وفي هذا الإطار كتب عدة وبحوث متنوعة لمجابهة الضعف اللغوي وتوصيات عدة وقرارات ومقترحات من المجامع اللغوية وأقسام اللغة العربية في الجامعات والمنظمات التي تعقد ندوات حول هذا الموضوع ومناقشة ذلك على مستوى الجامعات والتعليم العام، ويؤكد البعض أهمية تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم العام، كما أوصت بذلك مؤتمرات وندوات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وظاهرة الضعف اللغوي لا يمكن إرجاعها إلى سبب واحد، فقد ترجع إلى المنهج وإلى المعلم وإلى الطالب وضعف ملكته اللغوية.
والواقع أن هناك جهوداً صادقة وهادفة لمعالجة الضعف اللغوي ولكنها لم تتبلور بالصورة المطلوبة لاستحكام المشكلة رغم الجهود الكبيرة من الهيئات والمؤسسات العلمية والندوات التي تضم بين أفرادها مجموعة من الباحثين اللغويين والذين وضعوا حلولاً ومقترحات لمعالجة ظاهرة الضعف اللغوي وهو أشكال وضروب، ولعل أس المشكلة هو ضعف الملكة اللغوية لدى الناشئة.
إن اللغة العربية تكتسب أهميتها من أنها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهي لهذا تكتسب قداسة خاصة ليست لأي لغة أخرى. وفي حديث مع أحد موجهي اللغة العربية قال: (لقد كثرت أخطاء الطلاب في الامتحانات، إذ لا يدرك الطالب الكثير من قواعد النحو البسيطة ويخلطون بين الفاعل والمفعول والمبتدأ والخبر والاسم والفعل وهمزة الوصل وهمزة القطع وهاء الضمير وتاء التأثيث، فضلاً عن ضبط الكلمات واسم كان وخبرها والفرق بين المعرب والمبني).
فقلت: وكيف تعالج هذه الظاهرة، فقال باهتمام المعلم وعناية الطالب بهذه المادة، إلى جانب قصور المنهج وعدم حرص الطلاب على دراسة اللغة العربية، فقلت هذا شيء مؤلم حقاً ألا يهتم الطلاب بلغتهم الفصحى، ولفت انتباه وإذكاء المشاعر نحو أهمية اللغة العربية في إذاعة الصباح المدرسية وتحبيب الطلاب لها وتخاطبهم بها واستخدام الوسائل التعليمية المناسبة وتغيير منطلقاتنا في تعليمها.
وألا يقبل على تدريسها إلا من كان متمكناً ومؤمناً بدورها وأهميتها وإعداد معلمين أكفاء يحسنون عرضها على طلابهم ولديهم الإحساس القوي بأهميتها على المستويات كافة وإزالة الشعور لدى الطلاب بصعوبتها ومحاربة العامية في الفصول الدراسية مع كثرة التدريبات وتزويدهم بالمهارات اللغوية وإزالة توهم صعوبة اللغة العربية مع العناية بالتمرينات والتطبيقات وكل ما يرسخها في نفوسهم والتوعية باستمرار بدور اللغة ومكانتها والحث على الاهتمام والمحافظة على لغة القرآن التي لا يجوز التفريط فيها.