في نيجيريا من الصعب إذا كنت تعيش هناك ألا يربح منك أغنى شخص في البلاد، وأغنى شخص في إفريقيا اليكو دانغوت. الناس تأكل السباغتي من عند دانغوت، وتشرب العصير أيضاً من عند دانغوت، ويسكنون في بيوت اشتروا الأسمنت لها من عند دانغوت. وعلى مدى 35 عاماً، اشترى 160 مليون نيجيري من منتجات دانغوت؛ ما سمح له بأن تصل ثروته إلى أكثر من 20 مليار دولار، حسب مؤشر بلومبيرج. ويُعتبر دانغوت من القلائل الذين لم يستفيدوا إلى الآن من الطفرة النفطية في البلاد، وكان بعيداً نوعاً ما عن هذا القطاع أثناء تكوين هذه الثروة الهائلة؛ ولذلك نراه يوجِّه أعماله إلى النفط في المرحلة الأخيرة بعد إبرامه صفقة بمليارات الدولارات؛ لتمويل بناء مصفاة للنفط في جنوب غرب البلاد. وقال دانغوت في مقابلة لقناة بي بي سي: «إن هذه المصفاة ستكون الأكبر في إفريقيا، وستحول نيجيريا إلى دولة مصدرة للنفط، وستوفر الآلاف الوظائف، وستكون جاهزة للعمل في 2016». وأشار إلى أن بناء هذه المصفاة سيساعد نيجيريا على بيع منتجاتها النفطية لأول مرة، وإلى أن نيجيريا «ستصدر للمرة الأولى الأسمدة الكيماوية بدلاً من استيرادها».
ولتمويل بناء المصفاة وقَّع صفقة تُقدّر بنحو 3.3 مليار دولار أمريكي مع البنوك المحلية والأجنبية، لبناء مصفاة للنفط، التي ستكون طاقتها التكريرية بحدود 400 ألف برميل في اليوم، وعند انتهاء العمل بها - كما ذكر في عام 2016 - سترتفع الطاقة التكريرية لنيجيريا إلى أكثر من 100 %. وعدا المصفاة سيكون هناك مصانع بترو- كيماوية وأخرى للأسمدة. وتستطيع المصافي الأربع الموجودة في البلاد تكرير نحو 445 ألف برميل، ولكن مع سوء الصيانة المتبع تنخفض هذه الكمية إلى النصف. وتواجه بذلك نيجيريا مشكلة بسبب أنها تستورد معظم الديزل والبترول بالأسعار العالمية. وتُعتبر نيجيريا أكبر منتج للنفط في إفريقيا، ومن أكبر الدول المنتجة للبترول، إلا أن النقص في مصافي النفط يُحد من قدرتها على تصدير منتجاتها النفطية.
في المقابل، تضخ نيجيريا الملايين من الدولارات في الداخل لإبقاء الأسعار متدنية، وهناك الكثير من رجال الأعمال كوَّنوا ثروات هائلة من استيراد البترول. وتعاني الدولة دائماً توترات سياسية وعسكرية؛ ما يؤثر في أسعار النفط العالمية، ورأينا في كثير من الأحيان سعر البرميل يرتفع عند حصول أي عمليات عسكرية في نيجيريا. ويحتفظ دانغوت بعلاقات جيدة مع معظم القادة العسكريين والسياسيين ومع الرئيس الحالي جودلاك جونسون. يُذكر أن البلاد في السنوات الأخيرة تشهد دائماً تغييرات في سدة الحكم، وعدم استقرار سياسي، سواء من خلال الانقلابات العسكرية أو التغيير في مواقع الحكم في هذا البلد الكبير.
ودانغوت رجل الأعمال، الذي يبدأ عمله الساعة 4:30 صباحاً حتى منتصف الليل في معظم الأحيان، بنى ثروته من تجارة الأسمنت والسكر والطحين، وتقدر ثروته بـ 16 مليار دولار، وأيضاً بحسب مجلة فوربس الأمريكية المتخصصة في رصد الثروات يحتل المرتبة الأولى بوصفه أغنى رجل في إفريقيا للعام الثالث على التوالي. اليوم، يريد دانغوت أن تمتد إمبراطوريته التجارية وشركاته إلى 14 بلداً، وأن يدخل أسواقاً جديدة، بينها العراق وميانمار، ويتحرك دائماً في زيارات مكوكية إلى دول عدة على متن طائرته الخاصة، ودائماً نقطة الانطلاق تكون من مركزه ومنزله في منطقة فيكتوريا ايلاند المركز المالي لمدينة لاغوس. وعندما تسأل أغنى رجل في إفريقيا إذا ما سيصبح يوماً ما الأغنى عالميا فيجيب: «ولِمَ لا؟ لا شيء مستحيلٌ».
ورغم أن نيجيريا تشهد نمواً كبيراً في الإنتاج المحلي الإجمالي، يصل إلى 7 %، ومن كبار منتجي النفط، إلا أن الولايات الغربية تعاني من نقص الوقود، كما ينعكس الصراع الدائر فيها على الاستثمار الجيد لثرواتها النفطية. ودقت شركة أكسون موبيل الأمريكية ناقوس الخطر عندما أعلنت أن إنتاج البترول في نيجيريا سيهبط بنسبة 40 % من الآن إلى سنة 2020، إذا لم يكن هناك استثمارات جديدة. وجاء هذا التحذير من الشركة الكبيرة خصوصاً من أجل إعادة هيكلة الشركة الوطنية للنفط في نيجيريا، وأيضاً اتخاذ إجراءات للحد من استثمارات الشركات الأجنبية العاملة في البلد. وفي المقابل، تطلق الدولة الكثير من المشاريع في قطاعات الاتصالات والفنادق والبناء والزراعة أيضاً للوصول إلى معدل التضخم المستهدف للدولة الذي هو عند 10 %. ولكن كل هذه الحركة والنمو لم يمنع أن يكون هناك ثلاثة من أصل أربعة من عدد سكانها يعيشون دون مستوى الفقر، ووصلت معدلات البطالة إلى أرقام عالية، في حدود 25 %، وتصل النسبة إلى 40 % بالنسبة للذين أعمارهم بين 15 و24 سنة.