انتظر الجمهور المصري بلهفة إطلالة الإعلامي الساخر باسم يوسف الذي غاب عن جمهوره المصري والعربي أكثر من ثلاثة أشهر، قضاها في الولايات المتحدة الأمريكية للاطلاع على تقنيات الأعمال التلفزيونية الساخرة والتي كان الأمريكيون رائدين فيها.
باسم يوسف اكتسب شعبيته نتيجة تركيزه في العام الماضي على تناقضات وأخطاء حكم الإخوان المسلمين، وشكلت هفوات الرئيس السابق محمد مرسي، وسقطات قيادة جماعة الإخوان المسلمين مواضيع رئيسية للإعلامي الساخر الذي وجد تجاوباً من المتلقين الذين لم يكونوا مرتاحين من حكم الإخوان، كما أن التقاطه لهفوات الرئيس السابق وتوظيفه الجيد لتلك الهفوات والمدعمة بسقطات سياسية ولفظية وحتى سلوكية لقادة الإخوان المسلمين ساعد باسم يوسف على النجاح؛ لأن المتلقين والمجتمع المصري كانوا ينتظرون أن يجد مادة تلفزيونية يشفي غله مما يعتقد بأنهم سرقوا ثورة 25 يناير، وهكذا فقد تجاوب المصريون مع حلقات البرنامج الذي يقدمه الإعلامي الساخر الذي ترك مهنة الطب ومشرط الجراحة وزامل الميكروفون، وعندما غاب عن تقديم برنامجه «البرنامج» جاء توقيت الغياب بعد ثورة 30 يونيو، وكان العذر الذي قدمه لمحبيه بأنه سيعيد ترتيب المسرح ويصلحه ليتوافق مع وجوده من تقنيات جديدة لدى زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد أن أكمل استعداداته أطل في الجمعة الماضي عبر المحطة الفضائية التي يقدم منها برنامجه، ليتفاجأ جمهور المشاهدين بأن باسم يوسف لم يكن موفقاً في إطلالته الأولى بعد التوقف، فحصر السخرية بالمؤسسة العسكرية التي يراها المصريون أنها من أنقذتهم من حكم الإرهابيين، وأن الإعلامي الساخر يستبدل صاحب سلطانية الفلسفة الرئيس محمد مرسي بالفريق عبدالفتاح السيسي، ويقدم الشعب المصري وكذلك الجيش المصري في صورة مشوهة لم تكن أبداً تجلب السخرية والضحك، بل جذبت بدلاً من ذلك الغضب والسخط على البرنامج ومقدمه، فلا يمكن أن يُختزل الشعب المصري في الشخصية الكاريكاتورية «جماهير» التي ظهرت بشنب وتتقلب بميوعة على السرير بانتظار استجابة قريبها الضابط الذي أراد باسم يوسف الإيحاء بأنه يمثل المؤسسة العسكرية، ما جعل المصريين غاضبين بدلاً من أن يبتسموا مثلما كانوا في الحلقات السابقة، لتسقط صورة باسم يوسف وتتحول الإشادات السابقة إلى لعنات على الإعلامي الساخر وعلى المحطة الفضائية التي بثت برنامجه، مما دفع صاحب المحطة إلى إعلان بيان يعتذر به من الجمهور المصري على ما تضمنته الحلقة الأخيرة من البرنامج.
باسم يوسف يواجه الآن بدعوات قضائية من محامين ومن محترفي مقدمي البلاغات، وهذه المرة الجو العام في غير صف باسم يوسف، الذي يتهمه معارضوه الآن -الذين كانوا يصفقون له بالأمس- بأن الأشهر الثلاثة التي قضاها في أمريكا قد غسلت دماغه.