سعادة رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، بعد:
فقد اطلعت على المقال المعنون بـ(المرأة المسلمة وتعدد الزوجات) لكاتبه الأخ الأستاذ سلمان بن محمد العمري والمنشور في العدد 14995 الصادر يوم الجمعة 13-12-1434هـ.
وأني إذ أثني على ما خطه الكاتب حيث أوجز في تعبيره وأبدع وأبلغ وضمّن حديثه بمفهومه الإرشادي حكم التعدد وضوابطه وألمح صريحاً إلى بعض الحكم المقصودة من هذا التشريع.
لست بصدد الحديث عن بيان الحكم تأصيلاً ولا عن حقوق الزوجة حال التعدد، فقد باتت أحكاماً (معلومة بالضرورة، ولكن عطفاً) على ما سبق سأتكلم عن موقف المرأة تجاه التعدد تحديداً حيث أصبح موضوعاً يأخذ حيزاً كبيراً من مجالسهن، بل إن أكثر النساء إن لم أقل جميعهن يكاد يتفقن على موقفهن ضده وعدم قبوله، فهل أصبح التعدد عقوبة وهل ينقص من كرامة المرأة ويعزز من دونيتها؟
إن غيرة المرأة على زوجها أمرٌ فطريٌّ جبلت عليه ولو سلمت من ذلك امرأة لكانت أمهات المؤمنين أولى بذلك من غيرهن، فقد ورد عنهن أحاديث تنم عن الغيرة.
قالت عائشة رضي الله عنها: (ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة) ولا يعني كراهيتها لهذا الأمر كراهيتها لأصل الحكم، فهو تشريع من الله يتوجب منها ما يتوجب لغيره من الأحكام بالانقياد والخضوع والتسليم والإيمان يستوجب ذلك وإن خالف الهوى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وكراهية الإنسان للشيء وإن كان مشروعاً لا يضر ما دام لم يرفض ولم ينكر مشروعيته، فالمرأة تكره وترفض زواج زوجها بالثانية ومع ذلك تقر وتعترف وتؤمن بمشروعية تعدد الزوجات في الإسلام ومثله قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ}.. ويقول الشيخ ابن عثيمين (والمرأة التي عندها غيرة لا تكره أن الله تعالى أباح لزوجها أن يتزوج أكثر من واحدة لكن تكره الزوجة الثانية معها وبين الأمرين فرق ظاهر).
لقد كان أجدادنا معددين بأكثر من واحدة ويسكن في بيت واحد وهن أعزّ من الأخوات ولكن تصرفات أكثر الرجال ساهمت في تأصيل كره المرأة للتعدد وهم من له دور في ذلك بظلمه لزوجته والاجحاف بها ونكران ما كان بينهما من المعروف والميل والتعلق والافتتان بالأخرى عليها، والتجرد من معاني الإنسانية في التعامل معها، فعليه أن يتق الله فيها باقامة العدل والاحسان إليها ولأولادها وليعلم من أباح له التمتع بحقه قادر على أن يوجب عليه العقوبة يقول من لا ينطق عن الهوى (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) فعندما غيّبت الحقوق ضاع المقصود.