حقق موسم حج هذا العام نجاحاً متميزاً يُحسب لجميع الأجهزة المدنية والعسكرية المشاركة فيه، والتي بذلت جهوداً استثنائية أفضت إلى خلو موسم الحج من المنغصات، وساعدت الحجاج على أداء نسكهم بكل يسر وسهولة وطمأنينة غير مسبوقة.
كان لخفض عدد الحجاج أثرٌ بالغٌ في انسيابية الحركة، إلا أن جهود قوات الأمن كان لها أكبر الأثر في تحقيق الانضباطية والتيسير على الحجاج من خلال تطبيق الأنظمة وتفعيل الدور الرقابي.
المتابع لجهود قوات الأمن يُدرك معنى الجهاد الحقيقي في حماية «وفد الله» وتمكينهم من أداء نسكهم، والنأي بهم عن المخاطر العرضية، والمتعمدة التي ربما خطط لها أهل الشر والفساد.. حَزمٌ، محاط بالرحمة، والرفق, والإنسانية، كان الشعار الذي التزم بتطبيقه رجال الأمن داخل المشاعر، وفي حدود مكة المكرمة حيث النقاط الأمنية التي أسهمت بشكل فاعل في الحد من تسرب المخالفين الذين اعتادوا دخول مكة دون الحصول على تصاريح الحج.
كثيرٌ من المخالفين استمرؤوا الحج كل عام، دون مراعاةٍ لطاقة المشاعر الاستيعابية التي تناقصت بسبب مشروعات التوسعة المباركة.. ولم يكن مستغرباً الاهتمام العالمي والمحلي بصورة رجال الأمن وهم يتسابقون لإنقاذ طفل من الاختناقات في جسر الجمرات، صورة عبَّر فيها مصور «الاقتصادية»، الزميل «عبد الله آل محسن» عن إنسانية رجال الأمن، وجهودهم المبذولة في تحقيق الحماية التامة للجميع، استحقت الصورة ذلك الاهتمام الواسع والتغطية من قِبل وكالات الأنباء، ولعلها تكون لقطة الموسم دون منازع.
توثيق جهود رجال الأمن المباركة قد يحتاج إلى آلاف الصور المعبرة التي يمكن أن تتنافس فيما بينها على «صورة العام» فجزاهم الله عن الحجاج خير الجزاء.
استكمال «منشأة الجمرات» ساهم في التيسير على الحجاج، في الوقت الذي سهّل فيه القطار عملية التنقل بين المشاعر بكل يسر وسهولة.. أخطاء العام الماضي تمَّ تلافيها ومعالجتها، ما أسهم في انسيابية حركة الحجاج وتنقلاتهم.. غالبية الحملات استغلت القطار في التنقل بين المشاعر، وبخاصة في أيام التشريق، ما ساعد على فك اختناق المركبات، وإيجاد مسارات بديلة للحجاج الراغبين في الوصول إلى «منشأة الجمرات».
كُل رحلة من رحلات قطار المشاعر عوَّضت ما يقرب من 60 حافلة، كان من الممكن أن تتسبب في اختناقات قاتلة، وتسهم في تعطيل حركة الحجاج، وربما حرمانهم من أداء نسكهم وفق ما تقتضيه الشريعة.
مشروعات تطوير المشاعر، وتطبيق النظام بحزم أسهما في نجاح حج هذا العام، ويسرا على المسلمين أداء نسكهم برغم العمل المستمر في مشروعات التطوير.. تطبيق النظام على الجميع، وعدم السماح بالتجاوزات والاستثناءات يضمن، بإذن الله، نجاح مواسم الحج، ويجنِّب الحجاج الكثير من الأزمات التي قد تحدث لأسباب مرتبطة بالفوضى، وزيادة العدد، وتجاوز الأنظمة والقوانين التي وضعت لحماية الحجاج، وتمكينهم من أداء نسكهم بيسر وطمأنينة. ونكمل - بإذن الله -.