هو الشيخ منصور بن خليل الشهواني الهاجري، وكان يسكن في الخطية بمنطقة دخان وبقي فيها إلى أن توفي (رحمه الله).
ويعتبر الشيخ الراحل منصور بن خليل الهاجري القحطاني (رحمه الله) من بين أعلام قطر الذين عملوا في صناعة النفط في قطر في بدايات أكتشاف النفط، ولا يأتي اسم شركة على أي خاطر إلا ويقترن به اسم منصور بن خليل الهاجري، فهو قد انضم إلى العمل في أولى خطواته، وعندما بدأ الجيولوجيون في إجراء المسح للأراضي القطرية لدراسة طبيعتها واكتشاف مكامنها، فإنه عمل رحمه الله دليلاً لعمال الشركة لما يتمتع به من حدة في البصر ومعرفته التامة بجميع الأراضي القطرية وأسماء المواقع وطبيعتها وتاريخها إلى أن أحد الجيولوجيين وصفه في كتاباته «بأن لديه خارطة عقلية لقطر، وباستطاعته أن يجد طريقه في أي مكان وفي الطقس الصافي، وفي الضباب، وحتى في الظلام»، لذلك فقد كان الشيخ/ منصور هو المرشد الوحيد للشركة في الصحراء القطرية، وعن طريقه استطاعت أن تعرف الطرق والمسالك وأسماء الأماكن في جميع أنحاء قطر. بالإضافة إلى عمله كمرشد للشركة فإنها أوكلت إليه مسؤولية المحافظة على ممتلكاتها ومعداتها عندما أوقفت أعمالها عام 1942 إبان الحرب العالمية الثانية فحافظ عليها بكل أمانه وإخلاص.
وكان منصور يشتهر بحدة بصره الذي أخذ في التلاشي شيئاً فشيئاً حتى أصيب بالعمى، وقد قامت الشركة بواجبها نحوه في محنته هذه، فأرسلته إلى عدة بلدان للعلاج منها فلسطين وبريطانيا، ولكن العلة كانت أقوى من كل دواء، وتقاعد نتيجة لذلك عن العمل.
وحتى بعد فقده لبصره، كانت الشركة ترجع إليه للوصول إلى بعض المعلومات أو إلى عشيرته ممن لهم دراية ببراري قطر، ويستطيع بالوصف وبذكر بعض العلامات من رياض وتلال وما إليها أن يحدد الموقع بالضبط.
ومما يروى عن حدة بصره أنه كان يقف على أعلى جبل في دخان مع مجموعة من العاملين في الشركة خاصة الإنجليز منهم، وكان الجميع يتوجهون ببصرهم تجاه البحرين التي في الإمكان رؤية أطرافها بصعوبة في الأفق البعيد في حال استعمال منظار مكبر، كانوا يتبارون في إمكانية رؤية السفن الخشبية وهي تتحرك من البحرين حاملة المياه وأشياء أخرى إلى ميناء زكريت، وفي حين كان يعجز الجميع عن رؤيتها فإن المرحوم منصور بن خليل كان يستطيع ذلك ويخبرهم بساعة تحركها فيسجلون ذلك.
ولدى وصول السفن يسألون راكبيها عن ساعة تحركهم من البحرين فإذا الوقت هو الوقت نفسه الذي حدده منصور بن خليل حين رآها تتحرك مبحرة باتجاه قطر ببصره الحاد.
ويروى عنه أيضاً أنه كان يستطيع معرفة أصدقائه بعد أن فقد بصره بمجرد ملامسة أيديهم حين السلام عليهم دون أن يبادروه بالكلام أو بذكر أسمائهم.
أما بالنسبة لقوة ذاكرته فيروى عنها أنه خبأ حين كان طفلاً أحجارا مكورة ملساء يلعب بها (الصقلة) أو (لكتور) وهي لعبة شائعة في ذلك الوقت، وعندما كبر والتحق بالعمل تذكر تلك الحجارة، ودفعته تلك الرغبة في اختبار ذاكرته إلى أن يبحث عنها، وبعد استذكار وبحث تمكن من العثور عليها وأمام شهود. هذا شيء يسير عما يروى عن ذلك الرجل النادر في حدة بصره وذاكرته، والذي كان يتمتع بحب واحترام كل من عرفه لما تحلى به من أخلاق عالية وكرم عربي أصيل وتقوى وصلاح.
وله من الأنجال الرجال: خليل ومسفر وناصر، وله من الإناث ثلاث بنات.
توفي رحمه الله في شهر سبتمبر من عام 1972م عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاماً في بيروت حيث كان في رحلة علاج.