لدينا في بلاد الحرمين مواقع أثرية دينية، لها مقام عظيم في التاريخ الإسلامي، ولها اليد الطولى، والقَدَح المعُلى، في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن هذه المواقع (غار حراء) وهو الغار الذي كان يتحنث فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بداية نزول الوحي السماوي عليه وهو غار في جبل النور، يبعد 4 كم عن الحرم المكي الشريف، وشرق مكة تجاه عرفات، ويقبع هذا الغار على شرفة سامقة في شاهقة الجبل على ارتفاع يناهز 600 متر.
وهذا الغار تحدث عنه العلماء المحققون الكبار أمثال شيخ الإسلام رحمه الله، وهيئة كبار علماء المملكة وغيرهم، وخلاصة قولهم إنه لا يجوز أن يخص هذا الغار بزيارة ولا دعاء، ولا عيادة ولا عبادة، ولا غيرها إلا من زاره للذكرى والموعظة والاعتبار .. وقد حرص العلماء على سد باب ذريعة البدع والخرافات ومحدثات الأمور .. لأنّ في العالم الإسلامي بعض الجهلة، ومحدودي الثقافة وضحالة التفكير..
فأوصد العلماء باب التعبُّد في هذا الغار وأمثاله.. لأنّ العبادات الإسلامية توفيقية ليس فيها للعقل والعاطفة مجال، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، قال ابن القيم رحمه الله:
واعلم بأن الأجر ليس بحاصلٍ
الاّ إذا اجتمعت له شرطانِ
لا بد من إخلاصه وصفائه
ونقائه من سائر الأدران
لكن المؤسف أنّ هذا الغار على جلالة قدره مُهمل وتكسوا أحجاره الكتابات العشوائية الفوضوية، والقمائم والزبائل تعشعش في جنباته، وبالتالي فلابد أن ينظم على ضوء ما تقتضيه الشريعة؟ ولماذا لا توضح لوحات بيانية كبيرة توضح موقف الإسلام من هذه المزارات، وبكل اللغات الأساسية.. حتى لا يستغلّه المغرضون الحاقدون ، فيروجوا أنّ السعودية لا تقيم وزناً ولا ترفع قدراً للرموز الدينية العظيمة.. وبالذات من الفرقة الضالة التي غطّت ساحات الفضاء بفحيحها، ونفثِ سمومها متهمة السعودية (زوراً وبهتاناً) بمعاداة أهل البيت والحط من قدرهم.. فالعشم في هيئة كبار العلماء ووزارة الشؤون الإسلامية، ورئاسة الحرمين، ووزارة الحج وهيئة السياحة، أن يشكلوا لجنةً تقول القول الفصل في هذا الرمز الإسلامي المجيد وأمثاله.