عندما يفقد الإنسان قريبا أو حبيبا فإن ذلك يخلق حزناً كبيراً لرحيله، وعندما يفقد الإنسان والده فإن ذلك أشد حزنا لأن روحه غالية بقدر غلاه، وهذا الرحيل لا شك يمزق القلوب ويترك ثغرة في حياته لا يملؤها سواه.. وعندما رحل والدي (عبد العزيز العبد الله العبدان) فإنه قد ترك تلك الثغرة التي لازالت وربما ستظل باقية إلى أن يشاء الله لأنني عندما كنت واقفا أمام جثمانه ذرفت دموعي فتساقط مع دمعاتي كلمات ومواقف كنت أسترجعها على عجل فيزيد ذلك حزني عليه.. بكيت وأنا أعلم أن البكاء لا يرجع ميتا، وحزنت وأنا أعلم أن الحزن لا يرد حبيبا فقدناه (لو البكاء يرجعك يابوي نبكيك... لا شك درب الموت ما به رجوع).. ما أعظم الإيمان بالله فعندما تذكرت أن أبي سوف ينام جسده تحت الأرض فتتساوى عنده الأوقات فلا شمس تشرق عليه ولا قمر ينير عتمته ثم تذكرت مآثره وأعماله الصالحة أدركت أن رحمة الله ستنير قبره وأن غفرانه سيؤنس وحشته، فقد كان يرحمه الله محبوبا من الجميع لم يظلم أحدا وكان أبي مجتهدا في تربيتنا، حيث كان تربويا علمنا وعلم الآخرين كيف تكون علاقتنا مع ربنا سبحانه وتعالى، وكيف تكون علاقتنا مع الناس فأحببناه وأحبه الناس، كان غرسه رحمه الله فينا لا يزال قائما، فكأنه لم يرحل، فكلما أردت أن أعمل شيئا أشعر أنني أستشيره في كل أموري لأن آثار حكمته وتربيته لا تزال راسخة في جسدي وعقلي، وأهمس في أذنك يا والدي بأننا على عهدك مع رفيقة دربك والدتنا الغالية في حبها والبر بها وبك.. (أمطري يا سما على قبر اللي وحشني غيابه... ذاك اللي رحل وما بقي غير ريحة ثيابه) رحمك الله يا والدي وغفر الله لك وأدخلك فسيح جناته وجمعنا الله بك في جنات الفردوس.