هي منيرة بنت عبدالعزيز الجلوي - رحمها الله - كانت مربية بأسلوب طبيعي على سجيتها، كانت حمامة وديعة في منزلها لا يذكر عنها إلا كل خير، وكنت أنا وللأسف مقصّرا جداً في مبرتها لالتهائي بأمور الحياة. بعد عيد الفطر بدأت انتكاستها بألم لم نستطع أن نسيطر عليه إلا بالدعاء، أُدخلت الترقيد في حائل وبذلوا قصارى جهدهم لزرع الأمل في نفوسنا، وكانت قلة الإمكانات في المستشفى عائقاً مما يعكر صفونا. حضر الإخلاء الطبي لنقلها للعسكري بالرياض فكانت أول قرارات الأطباء هناك البتر حجتهم، ألا يقل التفاؤل بشفائها وكانت اختياراتهم جداً قاسية فكانوا يخيروننا بين الموت واللا حياة، إما أن نوافق أو ألا نرفض. فلم يكن لدينا الاختيار فقط دورنا الموافقة على اختيارهم. وكان قرار البتر لتمني الشفاء، عندما نرى آخرين نرى أن مصابنا ليس بالجلل بالنسبة لمصابهم، ولكن تراكم أحداث المصيبة علينا هي ألم الجلل وما خففه عنا إلا إيماننا بالله وبالقضاء والقدر، ثم وقفة تلك القلوب التي شاركتنا في مصابنا، كان تراكم الأحداث علينا ثقيلا جداً من بتر لأجزاء الجسم على مراحل، كنا ننام على الألم ونحلم بالأمل ونستيقظ بالألم، حتى وصلت مرحلة اللاعودة فكانت ثلاثون ساعة الأخيرة قاسية جداً على الملاصق لحالتها فكان بين ألمين الألم المعصور بمرارة باقتراب نهاية الأجل وألم طمأنة الآخرين ليعيشوا الأمل، اختار الله والدتي بعد أن كنا نقول: إن الموت مر من هناك أصبحنا نقول: إن الموت مر من هنا بدأ العد التنازلي للمبرة.. أحداث متراكمة في عدة أيام أخجلتنا أمام الله أننا لم نستغل الفرصة في مبرتها منذ زمن طويل، وهنا مدار الحديث، فرسالتي لكل أخت وأخ تمكنوا من الوقت بروّا والديكم قبل أن تدور الساعة فتنسيكم وقت الطاعة. استغلوا فرصة وجودهم بينكم اخفضوا لهم جناح الذل..
أغدقوا عليهم من العطف والرحمة والكرم، تجنبوا ضيق الصدر والتأفف والصدود في حضرتهم، بروّهم تبركم أبناؤكم وبناتكم.. رحم الله أمواتنا وأمواتكم.