بادئ ذي بدئ.. وجب أن نترحم على هذا الإنسان الذي يمتلك معنى الإنسانية الحقة.. الدكتور عبدالملك بن دهيش الرئيس السابق لتعليم البنات - رحمه الله. هذا الإنسان الذي كان متواضعاً، ولم يتغطرس، ولم يدَّعِ أنه أبو الكمال وأنه مطوِّر التعليم وأنه.. وأنه.. هذا الإنسان المتواضع الذي عمل بصمت، ووقف على احتياجات الناس والمناطق، وحل الكثير من الصعوبات والعقبات بدون (هيلمان)، وبدون ضجيج..
عبدالملك كان مؤرخاً ومؤلفاً لكثير من الكتب، وبالأخص عن مكة المكرمة حيث حياته ومولده ونشأته التي كانت هناك لوجود والده - رحمه الله - عبدالله بن دهيش رئيس محاكم مكة في وقت مضى.
عبدالملك كان نعم الإداري.. نعم القائد التربوي.. كان عطوفاً رحيماً، يحب أن يمسح دمعة محتاج ومظلوم.. وأيم الله، إنه كان يخاطب سائقي الحافلات، ويسأل عن احتياجاتهم.. وأيم الله، لم يبحث عن قيادة أو رئاسة أو وزارة.. ولكنها أتت إليه منقادة..
رحمك الله يا عبدالملك بن دهيش؛ كنت إنساناً لا تتحدث عن نفسك.. بل جعلت فترة القيادة لتعليم البنات هي التي تتحدث.. كم بكينا لرحيلك عن تعليم البنات، والآن نبكي لرحيلك إلى الدار الآخرة، وذلك بعد أن أرحت ضميرك، وقدمت ما في جعبتك من ديمقراطية الإدارة.. والتواضع كان ديدنك.. رحمك الله رحمة واسعة.
لقد ناولني أستاذي المربي الفاضل عبدالله بن عبدالرحمن الدهيش عدداً من مؤلفات الدكتور، وأضفتها إلى مكتبتي وذاكرتي.. وإن أذكر أذكر أخاك الدكتور خالد، الذي أضفى على مرحلته الوظيفية نكهة ريادتكم بالتواضع الجم.. وبساطة المقابلة... حتى تقاعده.
رحم الله من مات، وأطال الله عمر من هو على قيد الحياة، وألبسه لباس الصحة والعافية.
عندما ضامتني الظروف ألفيت أستاذي عبدالله بن عبدالرحمن الدهيش؛ ليكون الناقل لمعاناة أسرتي، ومن ثم جاء الله بالفرج عن طريقه من طريقك..
يرحمك الله يا عبدالملك؛ لقد رسمت البسمة على شفاه الحيارى.. والمحتاجين.. ما أجمل سلاسة الإدارة الديمقراطية.. ذات الإخلاص والحب والوفاء.. والعطف..
في عليين يا دكتور عبدالملك، وجمعنا الله بكم في جنة الخلد.. والله المستعان.