الجزيرة - عبدالرحمن اليوسف:
قصص ومواقف إنسانية على مدار الساعة عاشتها معسكرات الخدمة العامة التي تقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لخدمة ضيوف الرحمن بين الكشافة والحجاج في مراكز إرشاد التائهين.. مواقف تذرف فيها الدموع وتختنق فيها العبرات هذا يبكي لفقده ابنه أو أخيه أو زوجه أو طفله، وذاك يفرح فرحة اللقاء بالحاج أو الطفل الذي تاه عند اللقاء.. تلك المواقف وغيرها رواها لنا القائد عبدالعزيز الغنام قائد معسكر الأمانة حيث قال:
الطفل الباكستاني
استطاع أحد القادة الكشفيين أن يرسم البسمة على شفاه أسرة أحد الحجاج الباكستانيين بعد أن أعاد لهم طفلهم ذي الثلاث سنوات الذي فقدوه في مشعر منى، وفي تفاصيل ذلك الحدث كما يرويها الغنام أن ذلك الحاج لجأ إلى المعسكر مرتبكاً وقلقاً وأشعرنا بفقده لابنه وسط الزحام وبعد أن تمت تهدئته وتطمينه أخذنا منه بعض المعلومات المتعلقة بأوصاف الطفل ومكان ومتى فقده ومن ثم تم توزيع العمل بين مجموعة من القادة الذين تعرفوا على كافة المعلومات فانتشروا في المحيط الذي فقد فيه بمشعر منى وماهي إلا دقائق حتى وصلتنا رسالة من أجهزة اللاسلكي المنتشرة مع القادة تبشر بالعثور على الطفل التائه من قبل أحد القادة الذي ما أن شهده والده حتى انهمر باكياً بين مصدق ومكذب ولم يعد يعرف أيحضن القائد الذي عثر عليه أم على قائد المخيم الذي جند القادة للمهمة أم ابنه الذي عاد إليه.
(تلابيب) الكشاف
ويروي الغنام موقفاً آخر قائلاً: سار حاج ما يقرب العشرة كيلو مترات على قدميه بحثاً عن مقر حملته حتى بلغ منه التعب ما بلغ وتوصل اليأس إلى قلبه حينما رغب في العودة إليها بعد أن صعد لجبل الرحمة يوم عرفة أرشده أحدهم إلى مركز التائهين الذي يتواجد به الكشافة وأنهم هم القادرون على إعادته إلى مقر حملته لما يمتلكونه من معلومات عن الحملات ومؤسسات الطوافة وحينما وصل إليهم واخذوا معلوماته وحددوا مقر إقامته أسندت المهمة لأحد الكشافين لإيصاله فكان أن تمسك ذلك الحاج بتلابيب الكشاف طيلة سيرهم إلى مقر حملته وفيما ذلك الكشاف يقول له لا داعي أن تتمسك بي بهذه القوة دعنا نسير مع بعض رفض ذلك الحاج وقال لا أستطيع أن أتركك فقد تعبت كثيراً حتى وجدت من يوصلني إلى مقر إقامتي في عرفات، وعندما أوصله قدم له الشكر خاصة وللكشافة عامة واعتذر من الكشاف أن كان سبب له شيئاً من التعب أو المضايقة.
مسرح للبكاء
ويسرد الغنام ذلك الموقف الذي حولت فيه تلك الحاجة من جنسية عربية تبلغ من العمر 65 عاماً مركز الإرشاد مسرحاً للبكاء لجميع المتواجدين فيه من التائهين ومن الكشافة والقادة وهي تحتضن ابنها ذي الـ 45 عاماً الذي التقته بعد يومين من التوهان، حيث إن الحاج وأمة تاها عن بعضهما منذ يومين وجاء الابن وسجل معلوماته لدى المركز ومنها رقم هاتفه المحمول وقال إن أمه أمية لا تقرأ ولا تكتب ولا تعرف اسم الحملة التي قدمت معها وهي من الداخل ولا رقم هاتف ابنها وهو مازاد الأمر تعقيداً، لكن همة شباب الكشافة وقناعتهم بالهدف الذي جاؤوا من أجله جعلهم سخروا الكثير من الأسباب التي وفرتها جمعية الكشافة العربية السعودية لجمعهما مع بعضهما فكان من ضمن الحلول التعميم على جميع مراكز الإرشاد بواسطة أجهزة اللاسلكي برقم الابن وأوصاف الأم، ووصلت المعلومات للأم بعد أن راجعت أحد مراكز الإرشاد أن بلاغ ابنها في مركز الإرشاد وأنه يمكن أن تلقاه هناك وما أن وصلت المركز بدأ الكشافة الاتصال بالابن ولكنه لايرد تارة وجوالة مغلق تارة أخرى، ولم يدب اليأس إلى قلوب هؤلاء الفتية الذين جندوا أنفسهم لمثل هذا الموقف فواصلوا الاتصال حتى فاجأهم بالدخول دون أن يعلم أن أمه بانتظاره وإنما جاء للاستفسار عن أية معلومات جديدة ولما شاهدته الأم بقلبها قبل عيونها أخذت تصرخ وتبكي مما لفت أنظار الآخرين المتواجدين بالمركز خاصة من لا يعرف تلك الحكاية وما هي إلا لحظات حتى ضمت ابنها وضمها في موقف أبكى الجميع ورفعت يديها إلى السماء طويلاً تدعو لأبناء المملكة هذا العمل وقالت إنها لن تنسى ذلك الموقف طيلة حياتها.