من وجهة نظري أن أكبر معضلة يقع بها كثير من النقاد وبعض الشعراء من ممارسي النقد حين يمر نص شعري أمام أعينهم أو يقع في مسامعهم فيعملون فيه أدواتهم النقدية المتشكلة من ذوائقهم الخاصة، حيث تحليل النص ومحاكمته وفق هذه الذائقة على الرغم مما في الشعر من سعة وما في الإبداع من رحابة.
بعض النقاد يحب قصيدة أو أكثر ويسرف في الثناء عليها ويضعها النموذج المُحتذى لأنها اتسقت مع ما يحب وما تشكّلت عليه ذائقته.. ويكره قصيدة أو أكثر ويبالغ في اختلاق المثالب عليها وقد يخرجها من دائرة الشعر لأنها لم تتصالح مع ذائقته الخاصة . كل ناقد ينصب نفسه على انه وكيل عن الشعر ويجزم أن رأيه هو الصواب وما عداه خطأ هو ناقد مُجحف متعصب لرأيه ومنحاز لذائقته وعاطفته.
من المتفق عليه أن للشعر كونا خاصا وخصائص معروفة متفق عليها.. كل من دخل هذا الكون وامتلك تلك الخصائص أصبح ضمن الشعراء ومدى القناعة بطرحه من عدمها تتفاوت من متلق لاخر وتقييمه يختلف من ناقد لآخر.. فقط علينا أن نسلم أن كون الشعر كون رحب ومنوع وان القصائد مثل الأزهار.. مثل النساء كل يراها وفق ذائقته ومنظاره الجمالي الخاص وليس من حقه فرض رأيه وقناعاته على أنها حتميات تجعله يصم كل من يخالفه بعدم الفهم وفساد الذائقة.. جميل أن نتفق على الجمال كقيمة عالية وسامية والأجمل أن نحترم كل الاختيارات ونتعلم من الأخطاء.. وقبل هذا يجب أن ندرك أن الشعر منتج بشري لا يصح فيه فرض رأي على آخر ولا مصادرة نموذج لحساب نموذج آخر.. كلنا متعطشون لمطر الشعر وهو حين يأتي تسيل كل الأودية وتكشف الأرض عن جمالها المخبئ بكل تنوعه وجماله.
خطوة أخيرة: لـ (عبد الله الجزلاني)
المحبة في بدايتها.. صداقة
ترتفع حَبّة.. وبعد أيام حَبّة
وان بدا يهتزّ بنيان العلاقة
لا صداقة تستمرّ.. وْلا محبّة