أجمع رؤساء مراكز ومؤسسات الترجمة على الدور الكبير لجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالميَّة للترجمة في تنشيط حركة الترجمة من وإلى اللغة العربيَّة وتحفيز مؤسسات الترجمة الحكوميَّة والأهلية لأداء دورها في ترجمة أفضل الأعمال بما يسهم في تعزيز التواصل العلمي والمعرفي بين أبناء الثقافات العربيَّة والثقافات الأخرى.
وأشاد عدد من رؤساء مراكز ومؤسسات الترجمة العربيَّة والدوليَّة في استطلاع بمناسبة حفل تسليم الجائزة للفائزين بها في دورتها السادسة بمدينة ساوباولو البرازيلية بما تتيحه الجائزة العالميَّة من فرص المنافسة بين مؤسسات الترجمة في جميع دول العالم لإنجاز أعمال ذات قيمة علميَّة ومعرفية تثري المكتبة العربيَّة والأجنبيَّة وتهيئ المناخ لحوار هادف ومثمر يدعم قيم التعايش والتعاون بين كافة الدول والشعوب.
وفي هذا الإطار أوضح د. زيد العساف مدير المركز العربي للتعريب والترجمة بالمنظمة العربيَّة للتربية والعلوم والثقافة بدمشق أن مؤسسات الترجمة والتعريب تواجه كثيرًا من المعوقات لأداء مهامها في نقل المعرفة والعلوم ووجود جائزة عالميَّة بحجم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالميَّة للترجمة يدعم قدرة مؤسسات ومراكز الترجمة على تجاوز هذه الصعوبات والمعوقات من خلال ما تتيحه من فرص المنافسة بين مؤسسات ومراكز الترجمة لنيل شرف الترشيح لها أو الفوز بها، وما يمثِّله شرف الفوز بها من حافز كبير لبذل المزيد من الجهد في الارتقاء بجودة الأعمال المترجمة.
وأضاف د. العساف: ولا شكَّ أن فكرة التنافس على الفوز بهذه الجائزة الرفيعة سوف يسهم عامًا بعد آخر في النهوض بمستوى الترجمة وتنشيط حركة التعريب، فضلاً عن التعريف بالثقافة العربيَّة ونشر النتاج الفكري العربي على أوسع نطاق، ومن ثمَّ فتح نوافذ للحوار بين الثقافات التي تمثِّل الجائزة إحدى آليات مبادرة خادم الحرمين الشريفين من أجل تهيئة المناخ له.
من جانبه أكَّد أمين عام المؤتمر الدولي للترجمة البروفيسور مارتن فورستنر أن تخصيص أحد فروع جائزة خادم الحرمين الشريفين العالميَّة للمؤسسات المتميزة في مجال الترجمة من اللغة العربيَّة وإليها يمثِّل في حدِّ ذاته حافزًا للعمل المؤسسي في ميدان الترجمة.
ومن المعروف أن جهود المؤسسات تفوق كثيرًا الجهود الفردية للمترجمين، فضلاً عن أن المؤسسات تعمل وفق رؤية واضحة في ترجمة الأعمال التي تلبي احتياجات حقيقية سواء على المستوى المحلي في الدول التي تنتمي إليها أو على المستوى الدولي، مشيرًا إلى أن عالميَّة الجائزة ترسَّخ لفكرة العمل المؤسسي دون إغفال لجهود الأفراد في ميدان الترجمة مع الأخذ في الاعتبار ضرورة استهداف الهيئات والمؤسسات والمعاهد العلميَّة والأكاديمية ذات الإسهام المتميِّز في تدريس علوم الترجمة من وإلى اللغة العربيَّة التي تمثِّل رافدًا لدعم العمل المؤسسي بالمترجمين.
وأشار أمين عام المؤتمر الدولي للترجمة أن المنافسة بين مؤسسات ومراكز الترجمة سوف تُؤدِّي على المدى الطويل إلى إيجاد حراك قوي لترجمة أفضل الأعمال والارتقاء بجودة ترجمتها في ذات الوقت وهو ما يحقِّق التواصل المعرفي والإنساني الذي سعت هذه الجائزة الرفيعة لتحقيقه وتخطو بنجاح كبير على طريقه.
وفي سياق آخر أوضحت الدكتورة رشا إسماعيل مدير الركز القومي للترجمة في مصر أن نجاح جائزة خادم الحرمين الشريفين العالميَّة للترجمة لا يقتصر فقط على تشجيع المنافسة بين المؤسسات والمراكز الحكوميَّة والأهلية المعنية بالترجمة سعيًا إلى نيل شرف الفوز بها، بل يمتد أيْضًا إلى فتح قنوات التعاون بين هذه المؤسسات لإنجاز أعمال أو تنفيذ مشروعات كبرى تثري المكتبة العربيَّة باحتياجاتها من المعارف والعلوم الحديثة وتسهم في تحقيق التواصل الثقافي بين أبناء الثقافة العربيَّة والثقافات الأخرى من خلال اتفاقات التوأمة بين مؤسسات الترجمة ذات الاهتمامات المشتركة.
وأعربت د. رشا إسماعيل عن أملها أن يكون نجاح الجائزة في استقطاب هذا العدد الكبير من المؤسسات المعنية بالترجمة حافزًا للتعاون والتنسيق بين مراكز الترجمة في جميع الدول العربيَّة لتوفير الوقت والجهد في الترجمة المكررة لبعض الأعمال الذي يمكن استثماره وتوظيفه في ترجمة أعمال أخرى تحتاجها المكتبة العربيَّة والقارئ العربي بشدة وفي المقابل تحقيق التكامل في ترجمة الأعمال التي تسهم في تقديم الثقافة العربيَّة للآخر وفق رؤى واضحة.
من ناحيته أكَّد البروفيسور كنيادا مدير مدرسة طليطلة للمترجمين بجامعة كاستيا لانتشا اللإسبانية أن الإحصائيات تؤكد أهمية دور العمل المؤسسي في ميدان الترجمة مقارنة بالأعمال الفردية للمترجمين إلا أنَّه من الواضح وجود زيادة في عدد المترجمين الذين يتقدمون بأعمالهم للترشيح لنيل شرف الفوز بجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالميَّة للترجمة وهو أمر طبيعي لكننا في ذات الوقت نلمس الأثر الطيب للجائزة في تشجيع مؤسسات الترجمة الحكوميَّة صاحبة الإنجاز والأداء المتميِّز في حقل الترجمة من وإلى اللغة العربيَّة واستمرار هذا التوجُّه عبر فروع الجائزة للمؤسسات سوف يسهم في تنشيط مؤسسات الترجمة وزيادة الأعمال التي تقوم بترجمتها والاستعانة بأفضل المترجمين وهو ما يُؤدِّي بدوره إلى الارتقاء بمستوى الأعمال المترجمة ومن ثمَّ قدرتها على نقل المعرفة بدرجة أكبر من الكفاءة ومتى تحقق ذلك تمتد جسور الحوار الفاعل بين الثقافة العربيَّة والثقافات الأخرى.