لا أقصد بالضرورة الكلام أمام مجموعات كبيرة من الناس، ولكن لو لاحظتَ طريقة كلامك العادية، فهل تلاحظ أن كلامك متّصل وسلس؟
هذه نقطة لا ينتبه إليها الكثير من الناس، وتُرى إذا رأينا شخصاً يتحدث في التلفاز أو مداخلة هاتفية - خاصة في الدول العربية - فسنرى الكثير من نقاط الضعف في الكلام، وأوضح ما نراها إذا قارنّا بين المقابلات التلفازية والمداخلات الهاتفية بين العرب والغربيين، فمثلاً برنامج لاري كينغ الحواري كان يتلقى مداخلات هاتفية في كل حلقة، فيتصل أناس ويسألون الضيف سؤالاً، والذي لاحظته في الأمريكان أنهم يتكلمون بسلاسة واتصال وبلا تردد أو وقفات، بينما إذا لاحظنا مداخلة هاتفية في بلدنا فإننا نرى كل المداخلات تقريباً لا تخلو من «آآآآآه» و»يعني» والوقوف الطويل على حرف الواو والكثير من هذه العيوب الكلامية.
إتقان الكلام أمام الناس يحتاج تمريناً ووقتاً، فالذين يستطيعون ذلك لم يكتسبوا هذه القدرة طبيعياً بل تمرنوا حتى برعوا ووصلوا إلى مرحلة الارتجال، أي الكلام أمام الناس من دون استعداد سابق، وإحدى طرق التمرين أن تحاول الكلام أمام القليل من الناس، بدءاً بأناسٍ تعرفهم كالأقارب والأصدقاء، فتُجهِّز كلاماً قصيراً وتحفظه ثم تطلب من أحد المعارف أن يجلس ويستمع لك، وتدريجياً تزيد عدد المستمعين. وهنا نقطة طريفة وهي أن هذه - بحسب نظرتك - قد تكون أصعب من أن تتكلم أمام مئات الناس، فالفكاهي الراحل جوني كارسون هو أشهر مقدّم برامج حوارية ليلية، ولثلاثين سنة قدّم برنامج «الليلة» (تونايت شو) الذي جمع بين المقابلات مع المشاهير والكلام أمام الجمهور، والغريب أنه كان يتكلم أمام جمع كبير من الحاضرين وبرنامجه يُبَثُّ لعشرات الملايين من المشاهدين، وكان جوني في قمة الثقة، ولكن إذا حضر حفلاً فيه بضعة أشخاص أو عشرات الناس يتوتر ولا يرتاح في الكلام أمامهم!
لكن لا تقلق، فالكلام أمام الناس له مبادئ تُتَعلَّم، ومن أهم النقاط التي يجدر الانتباه لها أن لا تستخدم العكازات الشفهية، ومثال ذلك أن يقول شخص كلاماً ثم أثناء تفكيره فيما سيقوله يحاول تفادي الصمت بأي طريقة ممكنة فيقف طويلاً على حرف الواو أو الألف بصوتٍ طويلٍ متَّصل. أيضاً من العيوب تكرار الكلام، كأن تقول نقطة ثم تعيدها ثانية وثالثة بكلمات أخرى وهذا يبعث على الملل. وركّز على صوتك، فالبعض يتكلم بصوتٍ منخفض وهذا يبعث على الملل وقد يوحي بضعف الثقة بالنفس إضافة إلى أنه يُعسِّر السماع، والبعض يبالغ فيرفع صوته حتى يصير مثل الصراخ، والصواب التوسّط بينهما، أي صوت واضح مسموع حتى لو كان أرفع من صوتك المعتاد. مما يجب معرفته أيضاً مدى سرعة الكلام، فالكلام البطيء ممل والسريع مبهم، ومرة أخرى يَحسُن التوسُّط، إلا إذا أتى جزء تريد التشديد عليه فأبطئ من كلامك عنده. أخيراً حاول التنويع في نبرة الصوت وأن لا تكون كلها على وتيرة واحدة، وذلك بحسب محتوى كلامك، فإذا كانت النبرة واحدة على اختلاف مضمون الكلام أدى هذا إلى ضجر المستمع. الكثير من الهواتف المتنقلة تحوي برامج لتسجيل الصوت، وهذه جيدة للتمرين، فسجِّل فيها كلاماً – مراعياً هذه النصائح- واستمع له ولاحظ ما يحتاج تحسيناً.
هذه بعض أساسيات الكلام من الناحية الصوتية تحديداً، وتطبيقها سيحسّن قدرتنا على الكلام بإذن الله.