في الوقت الذي كنَّا منشغلين في نقاشاتنا الصغيرة الصفرية المكررة أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أسماء الفائزين بجائزة نوبل في العلوم والأدب والسلام والاقتصاد.
كالعادة، خَلتْ القائمة من الأسماء العربية، ومازال أدونيس الصبور ينتظر! ولكن ليس صبره هو موضوع هذا المقال ولا الحسرة التي كَوَتْ كبد يوسف إدريس حتى مات كمداً دون أن ينال الجائزة.
الموضوع هو الجدل الذي ثار في المجتمع «الإسرائيلي» بعد فوز اثنين ممن يحملون الجنسية «الإسرائيلية» بجائزة نوبل لهذا العام في الكيمياء، وهما: مايكل ليفيت وآرئيل وارشل. وقد وُلِد الأول في جنوب أفريقيا ووُلِد الثاني في كيبوتز يهودي في فلسطين قبل الاحتلال الصهيوني.
هذان العالمان يحملان أيضاً الجنسية الأمريكية، وكانا قد هاجرا من «إسرائيل» إلى الولايات المتحدة بحثاً عن فرص أفضل. أرئيل وارشل يعمل في جامعة جنوب كاليفورنيا ومايكل ليفيت في جامعة ستانفورد، وهما لا يفكران حالياً بالعودة إلى «إسرائيل» بسبب المزايا التي حصلا عليها في جامعات الولايات المتحدة.
نشرت صحيفة كندية هي THE GLOBE AND MAIL يوم الخميس الماضي العاشر من أكتوبر 2013، عقب فوز العالِمَين بالمشاركة مع عالم أمريكي ثالث بالجائزة، تقريراً حصلت عليه من «رويتر» جاء فيه أن رئيس وزراء «إسرائيل» نيتنياهو اتصل هاتفياً بالعالِمَين وقدم لهما التهنئة بمناسبة فوزهما بالجائزة، وأن الفرحة عمّت «إسرائيل» ولكن ثار مع الفرحة جدلٌ وغضبٌ حول الظروف التي تدفع بالعقول اللامعة إلى الهجرة من «إسرائيل» إلى الخارج .
تقول الصحيفة: إن «إسرائيل»، الدولة الصغيرة، قد شهدت من قبل فوز اثني عشر من مواطنيها بجائزة نوبل في شتَّى المجالات، ولكن هناك آخرون اختاروا العيش في الخارج! وفي عام 2008 كان تسعة وعشرون أكاديمياً إسرائيلياً يعملون في الجامعات الأمريكية مقابل كل مائة أكاديمي يعمل في جامعات «إسرائيل»! وهذا هو سبب الجدل والغضب اللذين تجددا مع إعلان أسماء الفائزين بجائزة نوبل للكيمياء هذا العام.
نحن في العالم العربي تنتعش أحلامنا عندما نقرأ أن هناك هجرة عكسية من «إسرائيل» ونعتقد أن اليهود قرَّروا جمع «عفشهم» والرحيل من فلسطين ولا نتابع ما يجري في المقابل من صعود للصناعات العسكرية والهندسية والتكنولوجية المتقدمة هناك! وأتذكر أن مجلة العربي الكويتية نشرت في نهاية الستينيات الميلادية عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية استعراضاً بقلم الأكاديمي الأردني محمود السمرة لكتاب صدر في فرنسا بعنوان «ستزول إسرائيل» فرح به العرب أيما فرح وتمت ترجمته إلى اللغة العربية وقد ظل العرب ينتظرون زوال إسرائيل منذ ذلك الوقت حتى الآن ولكن بدلاً من ذلك طارت أجزاء من العالم العربي وأجزاء أخرى تنتظر!
الطريف والمؤلم في نفس الوقت أن قارئاً من قراء الصحيفة كتب بتوقيع مستعار هو Very Sceprical Observer تعليقاً ساخراً يتعاطف فيه مع «إسرائيل» قال فيه:»هل سبق أن سمعتم عن جدل حول هجرة عقول نوبلية من سوريا أو السعودية؟ إن سوريا مشغولة بنشر العلوم وخاصة بعض المواد الكيماوية كجزء من حوار صحي مع مواطنيها: والآن نحن نعرف من هو الأذكى».
بالمختصر المفيد، هم يتقدمون.. فهل نفعل!؟