لرحلات الحج قديمًا في نجد ترتيبات منظمة يحرص الأهالي عليها لأداء فريضة الحج، حيث يقوم من يرغب في تأدية فريضة الحج بدايةٍ في التوصية على أهله وبيته وماله وما إلى ذلك، ثم يستعد بالتجهز بأساسيات الرحلة من الرواحل والمأكل والمشرب والملبس، وغالباً يجتمع من يريد الحج مع بعض من أهل القرية وحدها أو القرى المجاورة سويًا منقسمين إلى مجموعات على حسب كثرتهم وقلتهم يطلق عليهم الخبرة، حيث يتشاركون الطعام والشراب والنفقة متخذين أميرًا لهم في سفرهم إلى مكة المكرمة مقتدين بذلك بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: إذا خرج ثلاثة في السّفر فليؤمّروا أحدهم».
وعادة تبدأ رحلة الحج بعد عيد الفطر بيوم أو يومين ولقلة معرفة أهالي نجد بطرق مكة المكرمة الآمنة والميسرة قد يلجأ الحجاج إلى أدلاء يرافقونهم في رحلتهم يستدلون بهم على الطريق ويطلق على من يدل حاج نجد بدليلة الحاج.
وقد تختلف سرعة وصول حجاج نجد على حسب مواطن استقرارهم وسرعة مسيرهم وخفة رواحلهم، وعادة تستغرق ما بين عشرين يومًا إلى اثنين وعشرين، وقد تمتد إلى شهرين حتى يصلوا إلى مكة المكرمة وفيها يؤدون شعائر الحج، وما أن يتموها حتى يتجهوا إلى ديارهم وحين اقترابهم منها يعمد الحجاج إلى المكوث للراحة من السفر والاستعداد للقاء أهليهم، حيث يخرج منهم من يتجه إلى قراهم يبشر بوصول الحجاج، ولوصول الحجاج سالمين سعادة كبيرة في قراهم حين يخرج الأهالي لهم مستقبليهم مبتهجين فرحين، وما أن يستقروا في منازلهم حتى يتوافد أهالي البلدة للسلام عليهم مهنئيهم على حجهم.
وعلى الرغم من مشاق الحج قديمًا إلى أنها أسهمت في زيادة الترابط بين الحجاج والتكاتف ولا شك أن ذلك يمتد في شتى الأمور الناشئة آنذاك، حيث تنمي فيهم رحلتهم إلى الحج التعاون والتعاضد وتبرز روح الجماعة ومعنى الحفاظ على المصلحة المشتركة والغاية الأسمى للتتم على أحسن وجه ولا ثمة غاية أسمى من التوجه إلى الله حاجًا والعودة بقلب طاهر ونية صافية أوليس الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.