تناولت في مقالات سابقة على صفحات هذه الصحيفة الغراء مواضيع تحت عنوان «المتقاعدون إلى أين»، وكذلك «المتقاعدون.. آمال وآلام»، عرضت فيها بعض أشكال المعاناة التي يلقاها المتقاعدون، وهم شريحة مهمة من شرائح المجتمع، أفنوا أحلى أيام عمرهم في خدمة الوطن، أفنوا شبابهم في العمل والبناء؛ لذا نذرت قلمي لتناول همومهم؛ لعل الله - عز وجل - يسخر لهم من يمد يد العون بالتيسير عليهم والتخفيف عن كاهلهم وهم في نهاية مشوار الحياة؛ فما أحوج المتقاعد لرد بعض الجميل، إلى ابتسامة في وجهه بدلاً من العبوس، أليس واجباً أن نشعرهم بالعرفان والتقدير لجهودهم التي نلمس اليوم نتائجها في تنمية المجتمع ورفاهية أفراده؟ ناهيك عن حالة صحية قد لا تسمح له في هذه السن بتكرار التردد على الدواوين والمكاتب لقضاء مصالحهم، فهل سأل البعض نفسه كيف نجنبهم عناء التردد على تلك الجهات في هذه السن بعد أن وهن العظم منهم، واشتعل الرأس شيباً؟
نعم، تم تأسيس جمعية لرعاية المتقاعدين والاهتمام بشؤونهم، ولكن شتان بين ما على الورق وما هو ماثل على أرض الواقع الذي لا يتعدى تصور المستقبل، والآمال مجرد قصور من رمال.
المتقاعد أخي القارئ هو أنا اليوم وأنت غداً، هو أبي وأخي وابن عمي وصديقي وصهري، المتقاعد لا يطلب منك إلا القليل، مثل التعامل معه بما يليق به في كبره، ومراعاة حالته النفسية والصحية في هذه السن المتقدمة.
لهذا نأمل أن ترعى جمعية المتقاعدين هذا التوجه بمنح المتقاعد بطاقة تعريف، لا تتعدى في حجمها بطاقة الهوية الوطنية، تصدرها أي جهة من الجهات بمبادرة منها، سواء كانت جهة عمله السابقة أو الهيئة العامة لمعاشات التقاعد أو التأمينات الاجتماعية أو جمعية المتقاعدين؛ حتى يلقى المتقاعد حُسن المعاملة أينما توجَّه لقضاء أمور حياته المعيشية، ومن ينكر عليه هذا الحق يكون جاحداً.
قد يكون من المناسب أن تتبنى جمعية المتقاعدين مشروعاً لعلاج المتقاعدين، كذلك السعي لدى الخطوط الجوية السعودية وغيرها من جهات النقل البري لتخفيض تذاكر السفر للمتقاعدين، وحث الجهات والمصالح التي كثيراً ما يتردد عليها المتقاعدون لعمل كاونتر خاص لهم لإنجاز معاملاتهم دون تأخير، أسوة بما قامت به جوازات منطقة الرياض التي نثمن لها هذه الرعاية الخاصة للمتقاعدين والمسنين.
وتذكروا أيها الإخوة أن «البر لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت، يا ابن آدم اعمل ما شئت فإنك كما تدين تدان».
وإلى أن يأذن الله بتحرك إيجابي من تلك الجهات لا يسعني ومَن هم على شاكلتي من المتقاعدين، خاصة كبار السن منهم، إلا أن أرفع يدي بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني بالتوفيق والسداد، أمدهم الله والمسؤولين بالصحة والعافية، وأدام هذا الحكم الميمون، ونأمل أن يتحقق كل خير على يديه إن شاء الله. رعى الله الجميع، وأعانهم، ونفع بهم.. آمين.
من يعمل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
وأناشد أصحاب القرار وأصحاب الفكر والرأي النظر في مراعاة المتقاعدين، والتيسير عليهم، وإشعارهم بأهمية ما قدموه لوطنهم طيلة عقود؛ حتى لا يكون التقاعد عبئاً نفسياً وجسدياً على المتقاعد وأسرته ومن حوله.